لأجل إلف (١) المتشرّعة بهذا المعنى.
ثمّ أغرب وقال : إنّ التبادر معلوم ، وكونه لأجل أمر غير الوضع ، غير معلوم ، يعني وضع الشارع ، وهو مقلوب عليه بأنّ التبادر معلوم وكونه من أجل وضع الشارع غير معلوم ، وعلى المستدلّ الإثبات ولا يكفيه الاحتمال.
وكيف كان ، فالحقّ ثبوت الحقيقة الشرعية في الجملة ، وأمّا في جميع الألفاظ والأزمان ، فلا.
والذي يظهر من استقراء كلمات الشارع ، أنّ مثل الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والركوع والسجود ونحو ذلك ، قد صارت حقائق في صدر الإسلام ، بل ربّما يقال أنّها كانت حقائق في هذه المعاني قبل شرعنا أيضا (٢) ، لكن حصل اختلاف في الكيفية ،
__________________
ـ الفاضل التوني الذي ذكر في «الوافية» ص ٦٠ فقال معلّقا : غايته أنّك تقول : إنّ هذا التبادر لأجل المؤنسة بكلام المتفقّهة. فنقول : هذا غير معلوم ، بل الظاهر أنّه لكثرة استعمال الشارع هذه الألفاظ في هذه المعاني. والحاصل : أنّا نقول إنّ التبادر معلوم ، وكونه لأجل أمر غير الوضع غير المعلوم. هذا وانّ المصادرة في اللّغة هي المراجعة والمطالبة ، وأما في الاصطلاح هي أخذ المدّعي دليلا لتمام الدّعوى أو جزءها. والمناسبة بينهما ظاهرة لرجوع المستدلّ به الى الادّعاء وطلبه له حيث أخذه أوّلا مدّعى لنفسه ثم رجع إليه وجعله دليلا ، وبطلان المصادرة للزوم الدّور ، لأنّ ثبوت المدّعى موقوف على ثبوت الدليل وبالعكس. ويمكن دفع هذه المصادرة بأنّ مدّعى هذا البعض هو ثبوت الحقيقة الشرعية ودليله هو ظهور التبادر من كثرة استعمال الشارع ، فلا يكون الدليل عين المدّعى.
(١) الإلف بالكسر مصدر على وزن العلم وهي بمعنى الأنس والاسم الألفة.
(٢) كما عند صاحب «الفصول» ص ٤٣ ، ونجد صحة هذا بالتتبع للآيات والروايات وهي تحدث عن مآثر الأنبياء وإن كانت صلاتهم تختلف عما نحن عليه وكذا صيامهم.