لاحق ، فقال للحاجب : امنع هذا من الخروج ، وأذن لأبي محمد (١). فدخل ، فلبث مليا ، ولا أشك أنهما في أمري ، ثم خرج الإذن لي ، فدخلت. فلما كشف الستر ، فإذا أنا بالحجاج خارج ، فاعتنقني وقبل ما بين عينيّ ، وأثنى عليّ وقال : إذا جزى الله المتواخيين بفضل تواصلهما ، فجزاك الله أفضل الجزاء. أما والله ، لئن بقيت لأرفعنّك ، وأرفعنّ ناظريك ، ولأتبعنّ الرجال غبار قدميك.
قال : فقلت في نفسي : إنه ليسخر بي.
فلما وصلت إلى عبد الملك ، أدنى مجلسي كما فعل في الأولى. ثم قال : يا أبا طلحة ، هل أعلمت الحجاج بما جرى؟ أو شارك أحد في نصحك ،.
فقلت : لا والله ، ولا أعلم أحدا أظهر يدا عندي من الحجاج ، ولو كنت محابيا (٢) أحدا بديني لكان هو. ولكني آثرت الله عزوجل ورسوله صلىاللهعليهوسلم والمسلمين.
فقال : قد علمت صدق مقالتك ، ولو آثرت الدنيا لكان لك في الحجاج أمل. وقد عزلته عن الحرمين لما كرهت من ولايته عليهما. وإني أخبرته أنك أنت الذي استترلتني له عنهما استصغارا للولاية ، ووليته / العراق ، لما هنالك من الأمور التي لا يدحضها إلّا أمثاله ، وإنما قلت له ذلك ليؤدي ما يلزمه من ذمامك ، فاخرج معه ، فإنك غير ذامّ لصحبته (مع يدك عنده) (٣)» ـ انتهى.
__________________
(١) أي الحجاج بن يوسف الثقفي ، كما في (أ) بخط الحضراوي. والاثبات من (ب) ، (د).
(٢) في (ب) «حاييت». وبياض في (د).
(٣) ما بين قوسين سقط من (ب).