بين الدول الغنية الكبرى ، والدول الضعيفة «النامية» ، بين الشعب الذي يملك أسباب التطور ، والشعب الذي لا يملكها.
وقوة الولايات المتحدة تشبه الى حد بعيد قوة ذي القرنين من حيث ان كلا منهما لا تضارعها قوة في عصرها ، ولكن الفرق بعيد جدا من حيث النتائج ، فإن ذا القرنين كان بكل ما يملك من قوة ملكا لخير البشرية واسعادها ، أما قوة الولايات المتحدة فهي لحماية الشر والصهيونية ، وللسيطرة على المقدرات والأسواق والأفكار لمصلحة الاستعمار والرجعية بشتى صورها وأشكالها ، والشواهد على ذلك لا يبلغها الإحصاء ، فمن مناصرة الصهاينة ضد العرب الى تغذية العنصرية في بلادها وفي روديسيا ، ومن الانقلابات العسكرية في افريقيا وغيرها الى ضرب القوى التحررية في الكونغو وفي كل مكان ، أما فيتنام فقد حشدت لتدميرها الجيوش ، وعبأت كل ما لديها ، ولكن صمود الشعب الفيتنامي لقّن الولايات المتحدة درسا في الهوان والذل لا تنساه مدى الحياة .. وكل ما حققته الولايات المتحدة من النجاح فهو جزئي مؤقت يذهب مع نضال الشعوب الذي يزداد يوما بعد يوم.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ). ضمير جعله للسد ، ودكاء أي مستويا مع الأرض ، والمعنى أنه متى دنا الوقت الذي يخرج فيه يأجوج ومأجوج من وراء السد هيأ الله أسباب هدمه وزواله (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) لا ريب فيه ، قال الشيخ المراغي : «وقد جاء وعده تعالى بخروج جنكيز خان وسلائله فعاثوا في الأرض فسادا». وفي تفسير الرازي ان وعد الله هنا يوم القيامة ، وفي تفسير الطبرسي ان هذا الوعد يأتي بعد قتل الدجّال ، أما نحن فنميل إلى قول المراغي لأنه أقرب الى قوله تعالى :
(وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ). فانّا نفهم منه ان يأجوج ومأجوج ينتشرون في الأرض بعد خراب السد ، ويفسدون على الناس حياتهم ، قال تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) ـ ٩٦ الأنبياء». هذا ، الى أنه لو كان المراد بمجيء وعده تعالى يوم القيامة أو بعد الدجال لكان السد موجودا الآن كما هو .. ومن الواضح انه لو كان لبان ، بخاصة وقد جعل العلم الكرة الأرضية وسكانها أشبه بالأسرة الواحدة يضمها بيت واحد (وَنُفِخَ فِي