والراحة والجنان. واما ان تعصيني وتطيع إبليس ، فتخرج من الجنة الى دنيا كلها متاعب ونوائب ، وطغيان وأسقام .. فنسي آدم هذا التحذير ، وتراكمت المحن والخطوب عليه وعلى نسله ، ابتداء من قتل قابيل هابيل الى جرائم إسرائيل ... الى ما لا نهاية.
وغير بعيد ان يكون إخراج آدم من الجنة درسا وعظة لمن يتبع الأهواء والشهوات ، وان جزاءه عند الله العذاب والشقاء. انظر ما قلناه بعنوان : ضعف الارادة وسيلة للحرمان ج ١ ص ٨٥.
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ). تقدم مثله في سورة الأعراف الآية ١٩ وما بعدها ج ٣ ص ٣١١.
(وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى). وتسأل : ان آدم نبي ، والنبي معصوم عن الخطأ والخطيئة ، فكيف نسب سبحانه اليه المعصية والغواية؟.
وأجابوا عن ذلك بأجوبة ، منها ان المراد بالمعصية هنا مخالفة الندب دون الوجوب ، وهذه المعصية لا تتنافى مع العصمة ، ومنها ان آدم حين كان في الجنة كان في الدار الآخرة ، وهذه الدار لا تبليغ فيها ولا تكليف كي تحتاج الى أنبياء .. ونبوة آدم كانت في الدنيا ، لا في الجنة .. وعلى أية حال فان آدم تاب وطلب الصفح من ربه (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى). تكلمنا عن ذلك مفصلا بعنوان عصمة الأنبياء ج ١ ص ٨٦.
(قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي