(أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً). كيف يكون العجل ربا لهم ، وهو من صنع أيديهم ، لا يسمع كلامهم ولا يرد جوابهم ، ولا يجلب لهم ولا لنفسه نفعا ، ولا يدفع عنه ولا عنهم ضرا؟ قال بعض المفسرين : «وفوق ذلك هو لا ينطح ، ولا يرفس ، ولا يدير طاحونة ولا ساقية». وفي تفسير الرازي ان يهوديا قال للإمام علي (ع) : ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم. فقال الإمام : انما اختلفنا عنه ، وما اختلفنا فيه. وأنتم ما جفّت أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لنبيكم اجعل لنا إلها كما لهم آلهة.
ولو جاز لنا أن نفسر القرآن بالرأي والتأويل بالحدس لقلنا : ان صياغة العجل من الذهب ، وتأليه الاسرائيليين له يرمز الى انهم قد فطروا منذ القديم على عبادة المال ، وانه هو إلههم وحده لا شريك له .. وتاريخهم القديم والحديث يدل على ذلك دلالة صريحة واضحة ، وانهم يستحلون كل شيء من أجل المال حتى اراقة الدماء والدعارة والغدر.
(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (٩١) قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤) قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ