أن يؤمنوا مجرور بمن محذوفة. والمصدر من أن قالوا فاعل منع. ومطمئنين حال من الملائكة. ومفعول كفى محذوف ، وبالله الباء زائدة اعرابا وشهيدا تمييز. والتقدير كفاك الله من شهيد.
كلنا نحب أنفسنا وذواتنا رجالا ونساء ، شيوخا وأطفالا ، أتقياء وأشقياء .. وأي انسان لا يحرص على حياته ، ويدافع عن وجوده وكيانه؟. ولو لا هذا الحب لما استمر وجود الحياة ، ولا نمت وتقدمت .. ابدا لا فرق في حب الذات بين انسان وانسان ، وانما الفرق في نوع هذا الحب :
فمنه القائم على أساس الفطرة والعقل والوجدان .. ويستدل على وجود هذا الحب المهذب بتعفف الإنسان عن حق غيره ، وقناعته بما كتب له من كد اليمين وعرق الجبين ، وبالتعاون مع كل من يأمل فيه الخير والنفع للناس بجهة من الجهات ، بل وبالإيثار وبالتضحية ايضا لأن من يعطي ويضحي لوجه الله والحق فقد أحب نفسه ، وعمل لها من حيث يريد أو لا يريد ، لأن الله لا يضيع اجر من احسن عملا ، وكذلك المجتمع فانه يمجد ويعظم من يضحي من اجله.
ومن حب الذات ما يطغى على العقل والدين والوجدان .. ويستدل على هذا الحب المفترس بالطمع والجشع الذي لا يري صاحبه هما غير همه ، ولا نفعا غير نفعه ونفع ذويه ، وهذا لا يجدي معه أي منطق حتى الحس والمشاهدة والعيان ، تماما كما قال تعالى : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) ـ ١٧٨ .. الأعراف وهؤلاء موجودون في كل زمان ومكان ، ومنهم الذين أشار اليهم بقوله :
١ ـ (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً). اقترح المترفون من المشركين على رسول الله ان يفجر لهم لا لغيرهم ـ لنا ـ أنهارا أو عيونا ليزدادوا مكاسبا وأرباحا وتحكما بالمعوزين والمستضعفين ، فقد روي أن عتاة قريش ومترفيها قالوا : يا محمد ان ارض مكة ضيقة فأزح جبالها ، وفجر لنا عيونا لننتفع بالأرض.