جلت عظمته ، على رسوله الكريم ليبلّغها بدوره الى الناس كافة ، وهذه الدروس على انواع ، منها في الأحكام ومعرفة الحلال والحرام ، ومنها الأمر بالجهاد في سبيل الله والإخلاص والمثابرة والصبر على الشدائد من أجل الحق ، وأهمها جميعا الايمان بالله وعظمته إيمانا صحيحا مبنيا على العلم ، لا على التقليد ، وقال ويقول ، ولا على الأوهام والشطحات .. وقد أرشد سبحانه الى طريق العلم واليقين به ، وهو التفكر في خلق الكون بأرضه وسمائه ، وما فيهما من تدبير وإحكام وتنسيق بين أجزائه وكلياته : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ) ـ ٨ الروم.
وبعد أن أوحى الله الى عبده ورسوله بتلك الدروس في عظمة الكون وخلق السموات والأرض ـ خصه من دون الخلق أجمعين برحلة أرضية من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، ورحلة سماوية من المسجد الأقصى الى السموات العلى .. أما الغرض من هاتين الرحلتين فهو ان يتلقى الرسول الكريم (ص) درسا عمليا بعد أن تلقى درسا نظريا في الكون ، وان يشاهد من عوالمه وعجائبه ما لا تدركه العقول ، ولا تبلغه الأوهام .. وهذه هي الطريقة المتبعة في التربية الحديثة ، حيث يهيء الأساتذة لتلاميذهم الرحلات ونحوها من الدروس العملية بعد الدروس التي يتلقونها في المدارس والمعاهد .. وبالتالي ، فان الدرس البليغ في رحلتي الرسول الأرضية والسماوية هو حض العقول على النظر في ملكوت السموات والأرض للتعرف على قدرة الخالق وعظمته : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) ـ ١٨٥ الأعراف .. وقال الامام علي (ع) : عجبت لمن شك في الله ، وهو يرى خلق الله!.
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣))