الإعراب :
ان لا تتخذوا (ان) بمعنى أي مفسرة لما في الكتاب كما لو قلت : كتبت اليه ان افعل كذا ، وتتخذوا تتعدى إلى مفعولين : الأول وكيلا ، والثاني دوني ، ومن زائدة اعرابا أي لا تتخذوا وكيلا غيري. وذرية منادى أي يا ذرية من حملنا.
المعنى :
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً). المراد بالكتاب التوراة ، وباسرائيل يعقوب بن اسحق بن ابراهيم (ع) ، والمعنى ان الله أنزل التوراة على موسى ليهتدي بها بنو إسرائيل إلى الحق والصواب ، وليتكلوا على الله وحده ، ولا يتخذوا من دونه وليا ولا نصيرا. ولكنهم حرّفوا كلام الله ، وعبدوا العجل ، وقتلوا الأنبياء ، وملأوا الدنيا شرا وفسادا ، وسخروا لهذه الغاية جميع ما يملكون من طاقات.
(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ). حمل نوح معه في السفينة أولاده الثلاثة ، وهم حام وسام ويافث ، ونساءهم ، ومنهم تناسل الناس بعد الطوفان ، ومنهم الاسرائيليون في عهد موسى ، وفي هذا النداء تذكير لبني إسرائيل بأنعم الله التي جحدوها وكفروا به وبها. (إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً). ضمير انه يعود إلى نوح (ع) أي كونوا أيها اليهود شاكرين ذاكرين كما كان نوح .. ولكن لا يشكر النعمة إلا أهل الصدق والوفاء ، وما عرف الاسرائيليون منذ كانوا إلا الكذب والغدر والخيانة.
وروي عن الإمام جعفر الصادق (ع) ان نوحا كان إذا أصبح أو أمسى قال : اللهم اني أشهدك ان ما أصبح وأمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فهو منك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها عليّ حتى ترضى.