من شك أن النبي (ص) يريد الخير والهداية لكل انسان بلا استثناء ، تماما كما تريدها انت لولدك ، وأريدها أنا لولدي .. وكان النبي يتألم ويحزن إذا سلك سالك سبيل الهلاك والضلال ، كما يتألم الوالد لهلاك ولده .. وفي هذه الآية عاتب الله سبحانه نبيه الكريم على وجده وحسرته المهلكة من اجل اعراض من أعرض عن الهداية واتباع الحق ، وقال له : لا تحزن عليهم .. ان إلينا إيابهم ثم ان علينا حسابهم.
(إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً). الزينة تعم الجاه والمال والأولاد ، وكل ما يتهالك عليه الناس ، ويتطاحنون من اجله .. وهذه المغريات هي المحك الذي يميز الخبيث من الطيب ، فمن قنع منها بنصيبه ، وعاش بكده وجده فهو طيب كريم ، ومن حاول أن يحتكر كل شيء لنفسه ، ويعيش على حساب غيره بكل طريق ، ولو باثارة الحروب والفتن فهو معتد اثيم ، ومعنى ابتلاء الله الناس بزينة الأرض أن تظهر بسببها وتبرز الى الوجود أفعالهم وأعمالهم التي يستحقون بها الثواب والعقاب. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٩٤ من المائدة ، فقرة معنى الاختبار من الله ج ٣ ص ١٢٦.
(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً). ضمير عليها يعود للأرض ، والصعيد التراب ، والجرز الأرض التي لا تنبت شيئا ، والمعنى كل من عليها فان ، والسعيد من أطاع الله ، والشقي من انخدع لهواه.
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (١٠) فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً (١١) ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (١٢))