ومغاضبا حال من الضمير في ذهب. وان لا إله إلا أنت (ان) بمعنى أي مفسرة لنوع النداء. وفردا حال. ورغبا ورهبا مفعول من أجله ليدعوننا.
المعنى :
(وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ). قال المفسرون والرواة الكثير عن أيوب ، وتفننوا بالقول .. والذي دلت عليه الآيات تصريحا وتلويحا هنا وفي سورة ص ان أيوب كان في عافية وهناء ، ثم تراكم عليه البلاء ، وأحاط به من كل جانب ، حتى صار مضرب الأمثال ، فأصيب بنفسه وأهله ، فصبر صبر الأحرار ، وبقي على ثقته ويقينه بالله لا يشغله عن طاعته حزن ولا ألم ، ولما طال عليه الأمد ، واشتدت وطأة الآلام ، ولم يجد منها مخرجا شكا أمره الى الله بكلمتين : مسني البلاء ، وأنت رحيم وكريم .. قال : مسني ، ولم يقل : تفاقم وتراكم كيلا تشعر شكواه بالضجر وعدم الصبر ، فاستجاب سبحانه الى شكواه ، وكشف بلواه ، وأعاده إلى أحسن مما كان.
(وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ). رزقه الله من الأولاد والأحفاد ضعف من فقده منهم رحمة به وجزاء على صبره ، وتذكيرا بأن من صبر كما صبر أيوب تكون عاقبته تماما كعاقبته ، وخص سبحانه العابدين بالذكر للاشارة الى ان الله مع الصابر المحتسب المخلص له في أقواله وأفعاله.
هذا مجمل ما دلت عليه الآيات المتعلقة بأيوب ، ولم تتعرض للتفاصيل التي ذكرها الرواة والقصاصون لأنها لا تتصل بالعقيدة ولا بالحياة من قريب أو بعيد ، ومن طريقة القرآن أن يذكر من القصة ما فيه عبرة نافعة ، وعظة رادعة.
(وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ). صبر إسماعيل على الانقياد للذبح ، وصبر في بلد لا زرع فيه ولا ضرع ، وذكرنا إدريس عند تفسير الآية ٥٦ من سورة مريم ، أما ذو الكفل فقال الأكثرون : انه نبي ، وقال جماعة : انه عبد صالح وليس بنبي ، ونحن نؤمن بأنه من الصابرين الصالحين تبعا لنص القرآن ، ولسنا بمسؤولين عن غير ذلك.