ويجعل بالجزم عطفا على جعل لأنها جواب ان الشرطية فهي مبنية لفظا مجزومة محلا. ومنها متعلق بمحذوف حالا من (مكانا) ومكانا ظرف لألقوا. ومقرنين حال من واو ألقوا. وثبورا مفعول به. وخالدين حال من واو يشاءون. واسم كان على ربك ضمير مستتر يعود الى ما يشاءون أي كان الذي يشاءونه وعدا على ربك.
المعنى :
ان حكمة الله في إرسال رسله الى الناس هي أن يبيّنوا لهم ما يصلحهم وما يفسدهم ليكونوا على بصيرة من أمرهم ، ويكون لهم على الله الحجة حين الحساب والجزاء ، ولا تتحقق هذه الحكمة إلا إذا كان الرسول واحدا من الناس في حياته وطبيعته وغرائزه ، ولو كان من غير جنسهم وطبيعتهم لنفروا منه ، ولم يركنوا اليه ركونهم الى من هو مثلهم يتكلم كما يتكلمون ، ويفعل كما يفعلون ، ويتأثر بهم ويتأثرون به .. أجل ، يجب أن يبلغ الرسول من الكمال أقصى ما يبلغه انسان في حدود الانسانية وصفاتها وطاقاتها ، لأن الكمال هو القوة التنفيذية لرسالته وتعاليمه. أنظر تفسير الآية ٣٥ من سورة طه فقرة «حقيقة النبوة» .. وبعد هذا التمهيد ننظر الى أقوال المشركين واعتراضاتهم على نبوة محمد (ص) وهي :
١ ـ (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ). يريدون من رسول الله أن يحتجب في برج من العاج ، ودونه الحراس والحجاب ، تماما كما يفعل الملوك والجبابرة .. وجهلوا أو تجاهلوا ان صاحب الرسالة أيا كان ، نبيا أو غير نبي ، لا يمكنه أن يؤدي رسالته إلا إذا كان مع الناس في تجاربهم وأعمالهم ، وكيف يستجيبون له ، وهو عنهم في حجاب ، أو من عالم غير عالمهم.
٢ ـ (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً). من مقترحات المشركين على محمد (ص) أن يكون معه أحد الملائكة .. ولا بدع ، فمن جعل لله شريكا في خلقه فبالأولى أن ينكر نبوة محمد إذا لم يكن معه شريك في تأدية الرسالة ، ومن قبلهم قال فرعون عن موسى : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) ـ ٥٣ الزخرف».