اتقوا الله في الدنيا فوقاهم في الآخرة عذاب النار ، وجعل الجنة لهم ثوابا يتنعمون فيها ، لا يشغلهم عن ملذاتها شاغل (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). أنتم أيها المتقون أحق بهذا النعيم لأنكم عملتم له بإخلاص .. وتدل الآية على أنه لا كرامة عند الله لمخلوق كائنا من كان إلا بالعمل ، أما المناصب والأنساب والأموال فما هي بشيء إلا إذا كانت وسيلة للخير والصالح العام (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ). والاتكاء على السرر مع التفرغ للملذات يدل على التحرر من مشاكل الحياة وأتعابها (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) يحار العقل والطرف من حسنهن وكمالهن ... ويا لها من نعمى!.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ). ليس من شك ان الأطفال الصغار لا يعذبون بحال ، سواء أكان آباؤهم من الأخيار أم الأشرار ، إذ لا عقاب بلا عصيان ، ولا عصيان بلا تكليف ، وقد رفع سبحانه القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وكرر سبحانه في العديد من الآيات : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ـ ١٦٤ الأنعام. أما قول من قال : ان ولد الكافر يدخل النار لأنه لو عاش لاعتنق دين أبيه ، أما هذا القول فمتروك لأن الله يحاسب الإنسان على ما فعل ، ولا يحاسبه على ما لو استطاع لفعل.
وتسأل : هل الأطفال الصغار يحشرون ويدخلون الجنة؟.
الجواب : لا سبيل الى معرفة ذلك إلا كتاب الله وسنة نبيه ، لأن العقل لا يحكم هنا بشيء سلبا ولا إيجابا. ولا شيء في الكتاب والسنة المتواترة يدل على أن أطفال الكافرين يحشرون ... وفي حديث عن الرسول الأعظم (ص) : ان أطفال المؤمنين يهدون الى آبائهم المتقين يوم القيامة. وقال كثير من المفسرين : ان الكبار المؤمنين من ذرية المتقين يلحقون بدرجة آبائهم العليا في الجنة ، وان كانوا دونهم في العمل الصالح لكي تقر بهم أعينهم ، واستدلوا بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أي نزيد للأبناء كرامة للآباء ، ولا ننقص الآباء شيئا من ثوابهم ودرجاتهم.
وقال الامامية والحنفية والشافعية والحنابلة : يحكم بإسلام الطفل تبعا لأحد أبويه ، فإن كانا مسلمين فذاك ، وان كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فالطفل بحكم المسلمين