٢ ـ (وَلا تَجَسَّسُوا). التجسس تتبع العورات والعثرات ، والبحث عنها في الخفاء ، وهو محرم كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا ، فمن الكتاب قوله تعالى : (وَلا تَجَسَّسُوا). وقوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ـ الى ـ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) ـ ٢٨ النور ج ٥ ص ٤١٢. ومن السنة قول الرسول الأعظم (ص) : «من اطلع عليك فحذفته بحصاة ففقأت عينيه فلا جناح عليك». وقد أجمع الفقهاء قولا واحدا على العمل بهذا الحديث. أما العقل فإنه يعتبر التجسس غزوا لحياة الناس ، واعتداء على حرياتهم وأشيائهم الخاصة بهم من معلومات وعادات.
تذكرت ، وأنا أكتب هذه الكلمات مقالا مطولا في هذا الموضوع ، نشرته جريدة الأهرام عدد ٧ ـ ـ ١٩٦٩ ، قرأته آنذاك ، واحتفظت به في ملف قصاصات الصحف التي احتفظ بها وادخرها الى وقت الحاجة ، فرجعت الى المقال ، وقرأته من جديد ، فإذا بي أقرأ ما لا يبلغه الخيال ، وفيما يلي بعض ما جاء فيه :
«لقد تساقطت الجدران في الولايات المتحدة حتى أصبح الأمركيون بفضل الغزو الالكتروني المنظم يشعرون بأن الجدران ليست لها آذان وحسب ، بل عيون وعدسات أيضا ، كما تقول مجلة التايم .. لقد اخترعوا في الولايات المتحدة جهازا بحجم المليم الصغير ، يسترق ويسجل السمع ، ويمكن وضعه في «الجاكت» كالزر ، وهو في متناول كل فرد ، ويتراوح ثمنه بين ١٠ و ١٥ دولارا .. وفي نيويورك تجار يعلنون في الصحف عن أجهزة تسترق السمع من بيوت الناس ومنازلهم ، وتعرض في الأسواق كلعب الأطفال ، ولا يزيد ثمنها على ١٨ دولارا ، وإذا وضع واحد من هذه الأجهزة في سيارة تقبع في اتجاه العمارة ـ سجل كل كلمة تقال في داخل العمارة .. بل هناك جهاز لاستراق السمع لا يزيد حجمه على حبة العدس الصغيرة يمكن أن يوضع في القلم وما أشبه ، وتعمل بطاريته بين ١٨ و ٥٠ ساعة .. وأيضا اخترعوا في الولايات المتحدة جهازا صغيرا للارسال ، يذيع ما بدور في البيوت على بعد ٥٠ قدما منها ، وثمنه ٤٠٠ دولار .. وأعجب من ذلك