الإعراب :
جملة كأنهم اعجاز حال من الناس. وبشرا مفعول لفعل مقدر أي أنتبع بشرا. ومنّا : صفة. وواحدا صفة ثانية لبشر. وفتنة مفعول من أجله ل «مرسلو».
المعنى :
(كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)؟. عاد قوم هود كذبوا نبيهم ، فأخذهم الله بالعذاب الأليم ، وبيّن نوع هذا العذاب بقوله : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ). أرسل سبحانه عليهم ريحا باردة عنيفة في يوم عسير وخطير ، فلقد استمرت ريح العذاب في هذا اليوم حتى أفنتهم عن آخرهم (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ). اقتلعتهم الريح الصرصر من أماكنهم ، وألقت بهم صرعى تماما كأسافل نخل اقتلعت من الأرض (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)؟. كرر سبحانه هذا السؤال مبالغة في التحذير والانذار (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)؟. أنظر الآية ١٧ من هذه السورة فالنص والتفسير واحد.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ). ثمود قوم صالح. وجمع سبحانه النذر مع ان الذي كذبوه كان نذيرا واحدا ، وهو صالح لأن تكذيب أي نبي هو تكذيب لجميع الأنبياء لوحدة الرسالة والمرسل (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)؟ صالح منا وفينا .. وعرفناه صغيرا وكبيرا .. فكيف نتبعه؟ ولا يتبعه ويصدقه إلا ضال أو مجنون .. أجل ، لو كان له مال وعبيد وإماء لهان الخطب وكان لتصديقه وجه (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا)؟ مستحيل .. كيف وهو واحد منا؟ (وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) ـ ٣٤ المؤمنون.
(بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ). ويكفي في الدلالة على كذبه انه واحد منهم .. هذا هو منطقهم .. إذن ، فالمسألة مسألة أشخاص وأفراد ، لا مسألة حق ومبادئ .. فلا بدع ، فهذا هو منطق أرباب المناصب والمكاسب في كل زمان ومكان .. وأيضا منطق أهل الجهل والتقليد.