خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ). ويظهر هذا الضعف عند وجود أسبابه كالغنى والفقر ، فان استغنى ضنّ بماله خوفا من الفقر ، وان افتقر استولى عليه اليأس والقنوط .. ولكن من آمن بالله حقا ، ووثق به وبرحمته يتغلب على هذا الضعف ، ويصبر عند الشدائد صبر الأحرار متطلعا الى اليسر والفرج ، ويجود بالعطية مؤمنا بأن ما عند الله خير وأبقى. وفيما يلي ذكر سبحانه طرفا من أوصاف المؤمنين.
١ ـ (إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ). ويدل هذا الاستثناء من الإنسان الجزوع الهلوع ، يدل دلالة واضحة وقاطعة على ان المصلين لله حقا هم الذين يثقون به وحده ، ولا يخضعون لأحد سواه (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أما الذين يكبرون ويهللون تم يركعون ويسجدون لأهل الجاه والمال طمعا بما في أيديهم ، أما هؤلاء فليسوا من المصلين في شيء حتى ولو داوموا على الفرائض والنوافل ، ولم يشغلهم عنها أي شاغل.
٢ ـ (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ). يبذلون في سبيل الطاعات والخيرات لوجه الله تعالى لا يبتغون جزاء ولا شكورا. وتقدم مثله في الآية ١٩ من سورة الذاريات.
٣ ـ (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ). يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ويعملون بموجب هذا الايمان ، وإلا فإن الايمان النظري لا يجدي شيئا.
٤ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ). المؤمن يرجو ويخاف ، ينظر الى الجنة بعين ، والى النار بعين ، يخاف من هذه ، ولا ييأس من تلك. قال سبحانه : (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) ٩٩ الأعراف. وقال : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) ٨٨ يوسف. وأحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا منه كما قال الإمام علي (ع) أي ان الخوف منه تعالى يأتي على قدر العلم بعظمته.
٥ ـ (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ). على المؤمن ان يصبر ويرضى بما قسّم الله له من بنات حواء ، وعلى المؤمنة أن ترضى وتصبر على ما آتاها الله من أبناء آدم ، ومن صبر وشكر فأجره على الله ، وإلا فعقابه