فصل : يجوز تقديم الخبر (١) على المبتدأ مفردا كان أو جملة ، ومنعه الكوفّيّون والدليل على جوازه السماع والقياس ، أمّا السماع فقول الشاعر (٢) : [الوافر]
فتى ما ابن الأغرّ إذا شتونا |
|
وحبّ الزاد في شهري قماح |
وقولهم : تميميّ أنا ومشنوء من يشنؤك.
وأمّا القياس فمن وجهين :
أحدهما : أن الخبر يشبه الفعل ، والفعل يتقدم ويتأخر.
والثاني : أنّ الخبر يشبه المفعول ؛ لأنه قد يصير مفعولا في قولك : ظننت زيدا قائما ، والمفعول يجوز تقديمه ، وكذلك خبر (كان) يتقدّم على اسمها ، وخبر (إنّ) يتقدّم على اسمها إذا كان ظرفا فكذلك ههنا ، واحتجّ الآخرون بأنّ تقديم الخبر إضمار قبل الذكر وهذا غير مانع من التقديم ؛ لأنه مؤخر تقديرا فهو كقولهم : (في بيته يؤتى الحكم) وكقولك : (ضرب غلامه زيد) إذا جعلته مفعولا ؛ لأن النيّة به التأخير (٣).
فصل : إذا تقدم الظرف على الاسم واعتمد على أحد سبعة أشياء : مبتدأ على أن يكون هو خبرا أو صفة أو صلة أو حال أو كان معه استفهام أو حرف نفي أو كان عاملا في (أنّ والفعل) كقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم : ٢٥] جاز أن يعمل فيما بعده عمل الفعل في الفاعل لقوّته بما اعتمد عليه وجاز أن يكون خبرا مقدّما.
__________________
(١) يجوز تقديم الخبر وتأخيره ، وذلك فيما فقد فيه موجبهما أي فيما عدا ما يوجب تقديم الخبر. ووجوب تأخيره على الأصل ، ويجوز تقديمه لعدم المانع.
(٢) البيت لمالك الهذلي : وهو مالك بن خالد الخناعي الهذلي ، شاعر جاهلي من بني هذيل ، رويت له قصيدة خاطب فيها زوجته يخفف عنها ما أصابها يوم فقدت أولادها عمرو وعبد مناف وعباس.
(٣) قال الأشموني في شرح الألفية : (وجوّزوا التّقديم إذ لا ضررا) في ذلك نحو تميمي أنا ، ومشنوء من يشنؤك ، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه. إذا تقرر ذلك (فامنعه) أي تقديم الخبر (حين يستوي الجزآن) يعني المبتدأ والخبر (عرفا ونكرا) أي في التعريف والتنكير (عادمي بيان) أي قرينة تبين المراد نحو صديقي زيد ، وأفضل منك أفضل مني ، لأجل خوف اللبس ، فإن لم يستويا نحو رجل صالح حاضر ، أو استويا وأجدى بيان أي قرينة تبين المراد نحو أبو يوسف أبو حنيفة جاز التقديم ، فتقول حاضر رجل صالح ، وأبو حنيفة أبو يوسف ، للعلم بخبرية المقدم.