وأبو عليّ يشير إليه في كتبه كثيرا ، ويقوّي ذلك أنّها لا تدلّ على زمان وأنّها تنفي كما تنفي (ما) ، وأنّهم شبّهوها ب (ما) في إبطال عملها بدخول (إلا) على الخبر في قولهم : ليس إلا الطيب المسك بالرفع فيهما.
ومن قال : هي فعل لفظيّ ، فقد احتجّ بما ذكرنا وسلبت التصرّف لشبهها بها ، ويدلّ على أنّها فعل جواز تقديم خبرها على اسمها عند الجميع وتقديمه عليها عند كثير منهم بخلاف (ما).
فصل : وإنّما كانت (كان) أمّ هذه الأفعال لخمسة أوجه :
أحدها : سعة أقسامها.
والثاني : أنّ (كان) التامّة دالة على الكون وكلّ شيء داخل تحت الكون.
والثالث : أنّ (كان) دالّة على مطلق الزمان الماضي ، و (يكون) دالّة على مطلق الزمان المستقبل بخلاف غيرها ، فإنّها تدل على زمان مخصوص كالصباح والمساء.
والرابع : أنّها أكثر في كلامهم ؛ ولهذا حذفوا منها النون إذا كانت ناقصة في قولهم : لم يك.
والخامس : أنّ بقيّة أخواتها تصلح أن تقع أخبارا لها كقولك : كان زيد أصبح منطلقا ولا يحسن أصبح زيد كان منطلقا.
__________________
شروط عملها ؛ وأحكامها :
١ ـ هى الشروط العامة.
٢ ـ لا تستعمل تامة.
٣ ـ لا يجوز تقدم خبرها عليها فى الرأى الأرجح.
٤ ـ يجوز حذف خبرها ، إذا كان نكرة عامة ؛ نحو : ليس أحد. أى : ليس أحد موجودا ، أو نحو ذلك ...
ويجوز جره بالباء الزائدة ، بشرط ألا تكون أداة استثناء ؛ وبشرط ألا ينتقض النفى بإلا ؛ نحو : ليس الغضب بمحمود العاقبة. وقول الشاعر :
وليس بمغن فى المودة شافع |
|
إذا لم يكن بين الضلوع شفيع |
فإن نقض النفى بإلا لم يصح جر الخبر بالباء الزائدة ؛ فلا يجوز ليس الغثى إلا بغنى النفس ...
٥ ـ لا يصح وقوع «إن» الزائدة بعدها.