فصل : وإنّما اقتضت الناقصة اسمين ؛ لأنها دخلت على المبتدأ والخبر للدلالة على زمن الخبر وإنّما عملت ؛ لأنها أفعال متصرّفة مؤثرة في معنى الجملة فأشبهت (ظننت) ، وإنّما رفعت ونصبت ؛ لأنها تفتقر إلى اسم تسند إليه كسائر الأفعال فما تسند إليه مشبّه بالفاعل الحقيقي.
وأمّا الخبر فمنصوب ب (كان) عند البصريّين ، وقال الكوفيّون : ينتصب على القطع يعنون الحال ، والدليل على انتصابه ب (كان) أنّه اسم بعد الفعل والفاعل ، وليس بتابع له فأشبه المفعول به ولا يصحّ جعله حالا ؛ لأن الحال لا يكون معرفة ولا مضمرا وليصحّ حذفه ، وليس كذلك خبر كان ؛ لأنه مقصود الجملة ألا ترى أنّه لو قال : كان زيد قائما ، فقال قائل : لا. كان النفي عائدا إلى القيام لا إلى كان.
فصل : وإنّما لم يكن منصوبها مفعولا به على التحقيق ؛ لأن المفعول به يسوغ حذفه ولا يلزم أن تكون عدّته على عدّة الفاعل ولا أن يكون المفعول به هو الفاعل وخبر كان يلزم فيه ذلك.
فصل : وإنّما جاز تقديم أخبارها على أسمائها لتصرّفها ، فأمّا تقديم خبر (ما زال وأخواتها) عليها فمنعه البصريّون والفرّاء ؛ لأن (ما) أمّ حروف النفي وما في صلة النفي لا يتقدّم عليه ؛ لأن النفي له صدر الكلام إذ كان يحدث فيما بعده معنى لا يفهم بالتقديم فيشبه حروف الجزاء والاستفهام والنداء.
فأمّا : (لا يزال) و (لن يزال) و (لم يزل) (١) فيجوز تقديم الخبر عليها ؛ لأنها فروع على (ما) إذ كانت تردّ إليها وتستعمل في مواضع لا يصحّ فيها (ما) ؛ ولهذا عملت في الأفعال للزومها
__________________
(١) زال : تدل بذاتها على النفى ، وعدم وجوج الشئ ؛ من غير أن تحتاج فى هذه الدلالة للفظ آخر ؛ ؛ فإذا وجد قبلها نفى أو شبهه (وهو النهى والدعاء) انقلبت معناها للإثبات ؛ مثل : ما زال العدو ناقما. أى : بقى واستمر ناقما. وفى هذه الحالة تفيد مع معموليها اتصاف اسمها بمعنى الخبر اتصافا مستمرّا لا ينقطع ، أو مستمرّا إلى وقت الكلام ، ثم ينقطع بعده بوقت طويل أو قصير ؛ كل ذلك على حسب المعنى. فمثال المستمر الدائم : ما زال الله رحيما بعباده ـ ما زال الفير كبير الأذنين. ومثال الثانى : لا يزال الحارس واقفا. لا يزال الخطيب متكلما.
ومثالها مع النهى : لا تزل بعيدا عن الطغيان. ومع الدعاء (وأدواته هنا : «لا» ، أو : «لن») لا زال الخير منهمرا عليك فى قابل أيامك ـ لا يزال التوفيق رائدك فى كل ما تقدم عليه ـ لن تزال عناية الله تحرسك فيما ـ