فصل : وإنّما بطل عملها بتقديم الخبر ؛ لأن التقديم تصرّف ولا تصرّف ل (ما) ولأنّ التقديم فرع عمل و (ما) فرع فلا يجمع بين فرعين ، فأمّا قول الفرزدق (١) : [البسيط]
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
بنصب مثل ، ففيه أربعة أوجه :
أحدها : أنّه غلط من الفرزدق ؛ لأن لغته تميميّة وهم لا ينصوبه بحال لكّنه ظنّ أنّ أهل الحجاز ينصبون خبرها مؤخرّا ومقدّما.
والثاني : أنّها لغة ضعيفة.
والثالث : أنّه حال تقديره : (إذ ما في الدنيا بشر مثلهم) فلمّا قدّم صفة النكرة نصبها وهذا ضعيف ؛ لأن العامل في الحال إذا كان معنى لا يحذف ويبقى عمله إلا أنّه سوّغه شبه : (مثل) بالظرف.
والرابع : أنّه ظرف تقديره : (وإذ ما مكانهم بشر) أي : في مثل حالهم إلّا أنّه سوّغه شبه مثل بالظرف.
فصل : ويبطل عملها بتقديم معمول الخبر (٢) كقولك : ما طعامك زيد آكل ؛ لأن معمول الخبر لا يقع إلا حيث يقع العامل فتقديمه كتقديم العامل ، ولو تقدّم العامل لكان مرفوعا
__________________
(١) من قصيدة مطلعها :
زارت سكينة أطلاحا أناخ بهم |
|
شفاعة النوم للعينين والسهر |
(٢) قال الأشموني في شرح الألفية : قال في شرح الكافية : من النحويين من يرى عمل ما إذا تقدم خبرها وكان ظرفا أو مجرورا وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور (وسبق حرف جر) مع مجروره (أو ظرف) مدخولي ما مع بقاء العمل (كما بي أنت معنيّا) وما عندك زيد قائما (أجاز العلما) سبق مصدر نصب بالمفعولية لأجاز مضاف إلى فاعله ، والمراد أنه يجوز تقديم معمول خبر ما على اسمها إذا كان ظرفا أو مجرورا كما مثل. ومنه قوله :
بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا |
|
فما كلّ حين من توالي مواليا |
فإن كان غير ظرف أو مجرور بطل العمل نحو ما طعامك زيد آكل. ومنه قوله :
وقالوا تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من وافى منّى أنا عارف |
وأجاز ابن كيسان بقاء العمل والحالة هذه (ورفع معطوف بلكن أو ببل من بعد) خبر (منصوب بما) الحجازية (الزم حيث حل) رفع مصدر نصب بالمفعولية لا لزم مضاف إلى مفعوله ، والفاعل محذوف ،