الدار ، بالرفع والتنوين تناول رجلا واحدا حتّى لو كان هناك رجلان أو أكثر لم يكن الاستفهام متناولا لهما ؛ فإذا أدخلت (من) تناول الجنس كلّه ، وكذلك إذا قلت : ما جاءني من رجل ، لم يجز أن يكون جاءك واحد أو أكثر ، وإن حذفت (من) جاز أن يكن جاءك رجلان أو أكثر ، وإذا أثبت ذلك صار الاسم متضّمنا معنى (من) المفيدة معنى الجنس (١).
والوجه الثاني : أن لا لما لم تعمل إلا إذا لاصقت الاسم ، وكانت (من) بينهما مرادة صارتا كالاسم المركب في باب العدد كخمسة عشر والمركب يبنى لتضمنه معنى الحرف.
والثالث : أنّ (لا) في هذا الباب خالفت بقيّة حروف النفي من وجهين :
أحدهما : أنّها جواب لما ليس بإيجاب بل لما هو استفهام وبقية حروف النفي يجاب بها عن الواجب.
والثاني : أنّها مختصّة بالنكرة العامّة التي هي جنس ، وليس شيء من حروف النفي مختصّا بضرب من الأسماء.
واحتجّ من قال الاسم هنا معرب بأربعة أوجه :
أحدها : أنّ الاسم المعطوف عليه معرب كقولك : لا رجل وغلاما عندك والواو نائبه عن (لا).
والثاني : أنّ خبرها معربّ وعملها في الاسمين واحد.
والثالث : أنّ (لا) عامله ، فلو حصل البناء هنا لحصل بعامل والبناء لا يحصل بعامل ؛ لأن العامل غير المعمول والبناء شبه التركيب وجزء المركّب شيء واحد.
__________________
(١) لا النّافية : إذا وقعت على فعل نفته مستقبلا ، وحقّ نفيها بما وقع موجبا يالقسم ، كقوللك : «ليقومنّ زيد» فتقول : «لا يقوم» وقد تنفي الماضي ، فإن نفتة وجب تكرارها ، نحو «لا أكلت ولا شربت» وإذا نفت المستقبل جاز تكرارها ، نحو «زيد لا يقرأ ولا يكتب».
وقد تكون لنفي الحال ، وقد تعترض بين الخافض والمخفوض نحو «حضر بلا كتاب» وهي بالمثال بمعنى غير مجرورة بالباء ، وما بعدها مضاف إليه (وهذا عند الكوفيين بمعنى «غير» مجرورة بالباء وما بعدها مضاف إليه).
أو زائدة ولكنها تفيد النفي (وهذا عند البصريين وهو الصواب).