فصل : وأمّا (أحد عشر) إلى : (تسعة عشر) فإنّه يشبه (عشرين) في أنّه عدد مبهم وأنّ إضافته ممتنعة ؛ لأن الاسم الثاني صار ك (النون) في (عشرون) إذ كان تماما له ، ولأنّ المركب أصله التنوين كقولك : خمسة وعشرة ، وبعد التركيب لم يبطل (١) معنى التنوين مع وجود التنوين أو النون يلزم نصب المميز فكذلك مع ما يقوم مقامه.
فصل : وكذلك كلّ منّون يفتقر إلى ممّيز كقولك : (هذا راقود خلا) ؛ لأن التنوين يمنع الإضافة فإن أضفت فقلت : (رطل ذهب) احتمل أن يكون بمعنى (اللام) وبمعنى (من) ، وإذا نصبت لم تكن إلا بمعنى (من) ؛ لأنها الموضوعة للتبيين ، وكذلك النون في : (منوان وقفيزان).
فصل : فأمّا المضاف كقولك : لله درّه شجاعا ، وعلى التمرة مثلها زبدا ، وما في السماء قدر راحة سحابا ، فكل هذا ينتصب فيه المميّز بما قبله لشبهه بالمنوّن المبهم ؛ لأن مثل التمرة قد يكون زبدا أو غيره ، والمضاف إليه يمنع إضافة مثل إلى الزبد وهو مقدار كما أنّ (عشرين) مقدار ، وقيل : التقدير على التمرة زبد مثلها ، فلما أخرته انتصب لأنّك جعلته فضلة كما في قولك : طبت به نفسا.
فصل : ومن ذلك : هو أحسن الناس وجها ، فأمّا : هو أحسن منك وجها ، ف (منك) جرى مجرى المضاف إليه ؛ لأنه مبين له وتتّمة ومعمول له.
__________________
تعالى (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ.) وقد يجرّ بالإضافة كقوله تعالى (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ.) وفي الحديث «ليس فيما دون خمس ذود صدقة» ، وقال الشاعر :
ثلاثة أنفس ، وثلاث ذود |
|
لقد جار الزّمان على عيالي |
(١) وأما مع أحد عشر إلى تسعة وتسعين ، فالتمييز مفرد منصوب ، نحو «جاء أحد عشر تلميذا ، وتسع وتسعون تلميذة». وأما قوله تعالى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً ،) فأسباطا ليس تمييزا لاثنتي عشرة ، بل بدل منه والتمييز مقدّر ، أي قطعناهم اثنتي عشرة فرقة ، لأنّ التمييز هنا لا يكون إلا مفردا. ولو جاز أن يكون مجموعا ـ كما هو مذهب بعض العلماء ـ لما جاز هنا جعل «أسباطا تمييزا ، لأن الأسباط جمع سبط ، وهو مذكّر ، فكان ينبغي أن يقال وقطّعناهم اثنتي عشر أسباطا ، لأنّ الإثنين توافق المعدود ، والعشرة ، وهي مركبة ، كذلك ، كما مرّ بك في بحث المركبات.