فصل : ومعنى : (حتّى) اللازم لها الغاية في التعظيم والتحقير.
فأما عملها فليس بأصل بل محمول على غيرها ؛ لأنها لمّا دخلت على الجملة تارة وبمعنى : (إلى) أخرى وبمعنى : (الواو) ثالثة وبمعنى : (كي) رابعة لم يكن لها اختصاص تعمل بسببه ؛ لأن هذه المعاني تكون في الأسماء والأفعال.
فصل : وإنّما عملت عمل (إلى) ؛ لأن إلى لانتهاء الغاية و (حتّى) تشاركها في ذلك فعملت عملها في الموضع الذي يصحّ دخول (إلى) فيه.
فصل : وتفارق (حتّى) (إلى) في أشياء :
أحدها : أنّ ما بعد (حتّى) يدخل في حكم ما قبلها كقولك : قام القوم حتّى زيد. ف (زيد) هنا دخل في القيام ولا يلزم ذلك في قولك : قام القوم إلى زيد.
والثاني : أنّ ما قبل (حتّى) يجب أن يكون جمعا كقولك : قام القوم حتّى زيد ، ولو قلت : قام عمرو حتّى زيد لم يجز ، وعلّة ذلك : أنّ (حتّى) تدلّ على بلوغ العمل غايته ولفظ الواحد لا يتناول أكثر منه بحيث يجوز تخصيصه ببعضه بخلاف لفظ الجمع ؛ فإنّه جاز أن يضاف الفعل إلى القوم ولا يراد دخول (زيد) فيهم لعظمه أو حقارته ؛ فإذا جئت ب (حتّى) أزلّت هذا الجواز ، وتنزّلت (حتّى) منزلة التوكيد المانع من التخصيص.
والثالث : أنّ (إلى) تدخل على المضمر و (حتّى) لا تدخل عليه ، وعلّة ذلك : أنّه لمّا لزم أنّ يكون قبلها جمع وما بعدها واحد منه لم يتقدّم على (حتّى) اللفظ الظاهر ليعود الضمير إليه ، فلما أضمر لم يكن له ظاهر يعود عليه ضمير كقولك : قام القوم حتى زيد. ف (زيد) لم يتقدّم له ذكر يعود عليه ضمير.
فصل : وإنما جاز أن تقع (حتّى) بمعنى (الواو) ؛ لأن (الواو) للجمع و (حتّى) للغاية والشمول والمعنيّان متقاربان.
فصل : وتفترقان في أشياء :
أحدها : أن ما قبلها يجب أن يكون جمعا لما تقدّم.
والثاني : أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها ، فلو قلت : جاء الناس حتّى الحمير لم يجز لمّا ذكرنا من إفادة معنى الغاية والتوكيد.