احتّج الآخرون بإنّ ذلك قد جاء في الشعر فمن ذلك قول : [الرجز]
أرمي عليها وهي فرع أجمع |
|
وهي ثلاث أذرع وأصبع |
وقال الآخر : [الرجز]
إذا القعود كرّ فيها حفدا |
|
يوما جديدا كلّه مطرّدا |
وقال آخر : [الرجز]
قد صرّت البكرة يوما أجمعا
والجواب عن هذه الأبيات من وجهين :
أحدهما : أنّ التوكيد فيها للمعرفة لا للنكرة فقوله أجمع توكيد ل (هي) ولكنّه اضطر ففصل بالخبر بين المؤكد والمؤكد كما في الصفة ، وقيل : في (فرع) ضميرّ والتوكيد له وهذا بعيد ، وأمّا قوله : (جديدا كلّه) فهو مرفوع على أنّه تأكيد للضمير في (جديد).
والوجه الثاني : أنّ هذه الأبيات شاذةّ فيها اضطرار فلا تجعل أصلا.
فصل : وإنما لم ينصرف (جمع) ؛ لأن فيه العدل والتعريف فالعدل عن (جمع) ؛ لأن واحده : (أجمع) و (جمعاء) فينبغي أن يكون على (جمع) مثل : (حمر) ، ولكنّه فتحت ميمّه وصير ك (عمر). وقال أبو عليّ : هو معدول عن (جماعى) مثل صحراء وصحارى ، ولو كان عن جمع مثل : حمر لما جاز فيه أجمعون ، ولكان يؤكد به المذكر والمؤنّث كما يوصف بحمر المذكر والمؤنّث.
وأمّا التعريف فبوضعه توكيدا للمعرفة صار كالأعلام ، وليس فيه أداة للتعريف ، وأمّا (جمعاء) فلألفي التأنيث.
فصل : وأمّا (أكتع) و (أبصع) وما تصرّف منهما فلا تستعمل في التوكيد إلا تبعا ل (أجمع) فإنّ جاء شيء على غير ذلك في الشعر فضرورة (١).
__________________
(١) خالف في عامة المبرد وقال إنما هي بمعنى أكثرهم (وبعد كل أكّدوا بأجمعا جمعاء أجمعين ثمّ جمعا) فقالوا جاء الجيش كله أجمع ، والقبيلة كلها جمعاء ، والزيدون كلهم أجمعون ، والهندات كلهن جمع (ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثمّ جمع) المذكورات نحو : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر : ٣٩) ، (لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ) (الحجر : ٤٣) ، وهو قليل بالنسبة لما سبق ، وقد يتبع أجمع وأخواته بأكتع وكتعاء وأكتعين وكتع ، وقد يتبع أكتع وأخواته بأبصع وبصعاء وأبصعين وبصع ، فيقال جاء الجيش كله أجمع أكتع أبصع ، والقبيلة كلها