مسألة : وأمّا (كلا وكلتا) فاسمان مفردان مقصوران ، وقال الكوفيّون : هما مثنّيان لفظا ومعنى.
وحجّة الأوّلين من وجوه :
أحدها : أنّهما بالألف في الأحوال الثلاث إذا إضيفا إلى الظاهر ، وليس المثنى كذلك.
والثاني : أنّه لا ينطق بالواحد منهما فلا يقال في الواحد : (كل) بخلاف المثنى.
والثالث : أنّهما يضافان إلى المثنّى ، ولو كانا مثنّيين للزم أن يضاف الشيء إلى نفسه وهو باطل ، ألا ترى أنّك لا تقول : مررت بهما أثنيهما ، كما لا تقول : مررت به واحده.
فإن قيل : فكيف يقال : (مررت بهم خمستهم) فيضاف الجمع إلى الجمع؟
قيل : إنّما أجازوا ذلك ؛ لأن ضمير الجمع يحتمل العدد القليل والكثير فلا يلزمه من إضافة الخمسة ونحوها إضافة الشيء إلى نفسه.
والرابع : أنّ الضمير يرجع إليه بلفظ الإفراد كقوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف : ٣٣] ، ولو كان مثنّى في اللفظ لم يجز ذلك كما لا يجوز الرجلان قام.
واحتّج الآخرون بالسماع والقياس ، أمّا السماع فقول الشاعر : [الرجز]
في كلتا رجليها سلامى واحده |
|
كلتاهما مقرونة بزائده |
وأما القياس فمن وجهين :
أحدهما : أنّ الضمير يعود إليه بلفظ التثنية في بعض المواضع كقول الشاعر : [البسيط]
كلاهما حين جدّ الجري بينهما |
|
قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي |
والثاني : أنّهما في الجرّ والنصب بالياء ، وفي الرفع بالألف إذا أضيفا إلى مضمر.
والجواب : أنّ الشعر لا يعرف قائلة على أنّه محمول على الضرورة ، وقد جاز حذف شطر الكلمة في الضرورة كقول لبيد : [الكامل]
__________________
جمعاء كتعاء بصعاء ، والقوم كلهم أجمعون أكتعون أبصعون ، والهندات كلهن جمع كتع بصع. وزاد الكوفيون بعد أبصع وأخواته أبتع وبتعاء وأبتعين وبتع. قال الشارح ولا يجوز أن يتعدى هذا الترتيب. وشذ قول بعضهم أجمع أبصع. وأشذ منه قول الأخر : جمع بتع. وربما أكد بأكتع وأكتعين غير مسبوقين بأجمع وأجمعين.