درس المنا بمتالع فأبان (١) ...
أراد (المنازل). وقال العجّاج :
قواطنا مكّة من ورق الحمي (٢)
أراد (الحمام) وهذا لا يقاس عليه ولا يثبت به أصل.
وأمّا عود الضمير المثّنى إليه فعلى المعنى والإفراد على اللفظ وهذا مثل : (كلّ) و (من) فإنّ الضمير يعود إلى لفظهما تارة كقوله تعالى : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) [مريم : ٩٥] و (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) [البقرة : ١١٢] وتارة يجمع حملا على المعنى كقوله تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل : ٨٧] و (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) [الأنبياء : ٨٢] (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢].
وأمّا جعلها بالياء في الجر والنصب فلم يكن لما قالوا إذ لو كان كذلك لاستمرّ مع المضمّر والمظهر كما في كلّ مثنّى ، وإنّما قلبت الألف ياء مع المضمر لوجهين :
أحدهما : أنّ (كلا وكلتا) يشبهان : (على وإلى ولدى) في أنّها لا تستعمل واحده بل لا بد من دخولها على الاسم وأنّ آخره ألف كآخر هما وكما تجعل الألف في (على) ياء مع المضمر كذلك : (كلا) واختص ذلك بالنصب والجر ، كما أن (على) يكون موضعها نصبا بحقّ الأصل.
والثاني : أنّ (كلا) أذا أضيفت إلى المضمر لم تكن إلا تابعة للمثنّى فجعل لفظها كلفظ ما تتبعه استحسانا.
فصل : وألفا (كلا وكلتا) من واو عند قوم ، وياء عند آخرين. وتا : (كلتا) بدلّ من أحد الحرفين ، وألفها للتأنيث ، ونذكر ذلك في التصريف أن شاء الله.
فصل : وأقوى ألفاظ التوكيد في الجمع : (كلّهم) ؛ لأنها قد تكون أصلا يليه العامل كقولك : جاءني كل القوم وتكون مبتدأ كقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ)
__________________
(١) البيت كاملا :
درس المنا بمتالع فأبان |
|
وتقادمت بالحبس فالسوبان |
(٢) البيت كاملا :
ورب هذا البلد المحرم |
|
قواطنا مكة من ورق الحمى |