فمن الأول قولك : المال بين زيد وعمرو ، ولو قلت : (فعمرو) لم بجز ؛ لأن (بينا) يقتضي أكثر من واحد ، ومن ذلك سواء زيد وعمرو سيّان زيد وعمرو ، و (الفاء) هنا لا تجوز لأنّ التساوي لا يكون في الواحد ، ومن ذلك اختصم زيد وعمرو ، والفاء لا تصلح هنا ومن ذلك أنّ العطف بالواو نظير التثنية ، والتثنية لا تفيد سوى الاجتماع.
ومن الثاني : أنّ (الواو) لا تستعمل في جواب الشرط لما كان مرتّبا على الشرط والفاء تستعمل فيه ، وأمّا الآخرون فتمسكّوا بشبه لا دلالة فيها على الترتيب من جهة الواو فأضربنا عن ذكرها لوضوح الجواب عنها.
فصل (١) : (الواو) تقع على وجوه :
أحدها : العطف المطلق.
والثاني : (واو الحال) كقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) [آل عمران : ١٥٤].
والثالث : أن تكون بمعنى (مع).
والرابع : أن تكون للقسم.
والخامس : أن تضمر بعدها (رب).
والسادس : أن تكون بمعنى (الباء) كقولك : بعت الشاء شاة ودرهم ، أي : بدرهم.
فصل : ولا تزاد (الواو) عند أكثر البصريّين لوجهين :
أحدهما : أنّ الحروف وضعت للاقتصار أو عوضا عن ذكر الجمل : (كالهمزة) فإنها بدل عن (استفهم) أو (أسأل) و (ما) بدل عن (أنفي) فزيادتها تنقض هذا الغرض.
والثاني : أنّ الحروف وضعت للمعاني فذكرها دون معناها يوجب اللبس وخلوّها عن المعنى وهو خلاف الأصل.
__________________
(١) معنى كون الواو لمطلق الجمع أنها لا تقتضي ترتيبا ولا عكسه ولا معية بل هي صالحة بوضعها لذلك كله فمثال استعمالها في مقام الترتيب قوله تعالى (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ومثال استعمالها في عكس الترتيب ، نحو (وَعِيسى وَأَيُّوبَ)(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ)(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) ومثال استعمالها في المصاحبة نحو (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) ونحو (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ) ونحو (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ)