فصل : ولا تكون (الفاء) زائدة لما ذكرنا في (الواو) ، وقال الأخفش : قد زيدت في مواضع منها قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) [الجمعة : ٨] ؛ لأن الفاء (١) تكون في خبر الذي غير زائدة والخبر هنا للموت ، وليس فيه معنى الشرط ، ومنه قول الشاعر (٢) : [الكامل]
لا تجزعي أن منفسا أهلكته |
|
وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي |
فالفاء الأولى زاائدة ، وقيل : الثانية.
فصل : و (ثّم) (٣) كالفاء في التشريك والتريب إلا أنّها تدلّ على المهلة إذ كانت أكثر حروفا من الفاء ، وقد جاءت لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه كقوله تعالى : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) [يونس : ٤٦] وقال : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) [هود : ٣] وتقول : زيد عالم كريم ثّم هو شجاع.
فصل : وأمّا (أو) فتشرك في الإعراب ولها معان :
أحدها : الشكّ في الخبر كقولك : قام زيد أو عمرو ، والمعنى أحدهما ؛ ولذلك تقول : فقال كذا أو كذا ، ولا تقول فقالهما.
والثاني : أن تكون لتفصيل ما أبهم كقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١١١] أي : قالت اليهود لن يدخل الجنّة من إلا من كان هودا وقالت
__________________
(١) الفاء تكون للترتيب والتعقيب. ؛ فإذا قلت «جاء عليّ فسعيد». فالمعنى أنّ عليّا جاء أوّل ، وسعيدا جاء بعده بلا مهلة بين مجيئهما.
(٢) البيت من شعر النمر بن تولب : (١٤ ه / ٦٣٥ م) وهو النمر بن تولب بن زهير بن أقيش ، ينتهي نسبه إلى عوف بن وائل بن قيس بن عبد مناة.
شاعر جاهلي أدرك الإسلام وهو كبير فأسلم وعد من الصحابة وروى حديثا عن الرسول وكان له ولد يدعى ربيعة ، وأخ يدعى الحرث بن تولب (سيد معظّم في قومه) ، ونشأ بين قومه في بلاد نجد ثم نزلوا ما بين اليمامة وهجر.
توفي في آخر خلافة أبو بكر الصديق. وما عرف له في المدح إلا قصيدة واحدة مدح فيها الرسول وكذلك كان هجاؤه نادرا وكان شعره صادقا وألفاظه سهلة جميلة.
(٣) ثمّ تكون للتّرتيب والتّراخي. ؛ فإذا قلت «جاء عليّ ثمّ سعيد» ، فالمعنى أن «عليّا» جاء أول ، وسعيدا جاء بعده ، وكان بين مجيئهما مهلة.