النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ، وكذلك قوله تعالى : (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) [البقرة : ١٣٥] ، ومنه قول القائل : كنت بالبصرة آكل السمك أو التمر أو اللحم ، أي : في أزمنه متفرقة ولم يرد الشك.
والثالث : أن تكون للتخيير كقوله : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة : ٨٩] فلإن اتّصل بالأمر لم يجمع بينهما كقولك : خذ درهما أو دينارا ، فإن وجدت قرينة تدل على الإباحة جاز الجمع بينهما كقولك : جالس الفقهاء أو الزّهاد لمن يجالس الأشرار.
فصل : وإن اتّصلت بالنهي وجب اجتناب الأمرين عند محققّي النحوييّن كقوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] أي : لا تطع أحدهما ، فلو جمع بينهما لفعل المنهيّ عنه مرّتين ؛ لأن كلّ واحد منهما أحدهما.
فصل : وقد تكون (أو) (١) للتقريب كقولك : ما أدري أأذنّ أو أو أقام ، أي لسرعته. وإنّ كان يعلم أنّه أذّن ومن ذلك قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧].
__________________
(١) أو إن وقعت بعد الطّلب ، فهي إمّا للتّخيير ، نحو «تزوّج هندا أو أختها» ، وإما للاباحة ، نحو «جالس العلماء أو الزهّاد». وإما للاضراب ، نحو «إذهب إلى دمشق ، أودع ذلك ، فلا تذهب اليوم» ، أي بل دع ذلك ، أمرته بالذهاب ، ثمّ عدلت عن ذلك.
والفرق بين الإباحة والتّخيير ، أن الاباحة يجوز فيها الجمع بين الشيئين ، ؛ فإذا قلت «جالس العلماء أو الزّهّاد» ، جاز لك الجمع بين مجالسة الفريقين ، وجاز أن تجالس فريقا دون فريق. وأما التّخيير فلا يجوز فيه الجمع بينهما ، لأن الجمع بين الأختين في عقد النكاح غير جائز.
وإن وقعت «أو» بعد كلام خبريّ ، فهي إمّا للشّك ، كقوله تعالى (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وإمّا للابهام ، كقوله عزوجل (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.) ومنه قول الشاعر
نحن أو أنتم الألى ألفوا الحقّ |
|
فبعدا للمبطلين وسحقا |
وإما للتقسيم ، نحو «الكلمة أسم أو فعل أو حرف» ، وإمّا للتّفصيل بعد الإجمال ، نحو «اختلف القوم فيمن ذهب ، فقالوا ذهب سعيد أو خالد أو عليّ». ومنه قوله تعالى (قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) أي بعضهم قال كذا ، وبعضهم قال كذا. وإمّا للاضراب بمعنى «بل» ، كقوله تعالى (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ ، أَوْ يَزِيدُونَ) أي بل يزيدون ، ونحو «ما جاء سعيد ، أو ما جاء خالد».