فصل : ولا تكون (أو) بمعنى : (الواو) ولا بمعنى : (بل) عند البصرّيين وأجازه الكوفّيون.
وحجّة الأوّلين : أنّ الأصل استعمال كل حرف فيما وضع له لئلّا يفضي إلى اللبس وإسقاط فائدة الوضع.
واحتّج الآخرون : بأنّ ذلك قد جاء في القرآن والشعر فمن ذلك قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] أي : ويزيدون ، وقال تعالى : (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) [الأنعام : ١٤٦] وهي بمعنى الواو ، و (الحوايا) عطفت على الشحوم أو الظهور وقال الشاعر (١) : [الطويل]
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى |
|
وصورتها أو أنت في العين أملح |
أي : بل أنت.
والجواب : أنّ (أو) في الآية الأولى لشكّ الرأي ، أي : لو رأيتهم لقلت هم مائة ألف أو يزيدون ، وقيل : هي للتخيير ، وقيل : للتقريب ، وقيل : للتفصيل ، أي : بعض الناس يجزرهم كذا وبعضهم كذا ، وأمّا الآية الثانية ف (أو) تنبّه على تحريم هذه الأشياء وإنّ اختلفت مواضعها أو على حلّ المستثنى وإن اختلفت مواضعه ، وهذا كما ذكرنا في دلالة (أو) على تفريق الأشياء على الأزمنة ، وأمّا البيت فالمحفوظ فيه : (أم أنت) ، ولو قدّر صحّة ما رووا فهي على الشكّ أي صورتها أو أنت أملح من غيركما ؛ ولهذا كقولهم : الحسن والحسين أفضل أم ابن الحنفية.
فصل : و (إمّأ) ك (أو) في الشك والتخيير والإباحة ، إلا أنّها أثبت منها في الشكّ لأنّك تبتدىء بها شاكّا و (أو) ياتي الشكّ بها بعد لفظ اليقين.
فصل : وقد زعم قوم أنّها مركّبة من (إن) الشرطية و (ما) النافية ؛ لأن المعنى في قولك : قام إمّا زيد وإما عمرو ، وإن لم يكن قام زيد فقد قام عمرو وهذا تعسّف لا حاجة إليه ؛ لأن وضعها مفردة أقرب من دعوى التركيب ، وليست (إمّا) من حروف العطف أمّا الأولى فليس قبلها ما يعطف عليه ، وأمّا الثانية فيلزمها الواو وهي العاطفة.
__________________
(١) من شعر ذي الرمة.