فرجع عن الأوّل ف (أم) جمعت الإضراب والاستفهام وتقول في الاستفهام : هل زيد عندك؟ أم عمرو في الدار؟ فهما سؤالان والمتصّلة سؤال واحد.
فصل : والفرق بين (أم) المتّصلة و (أو) أنّ (أو) لأحد الشيئين و (أم) سؤال عن المشكوك في عينه ، فمثاله أن تقول : أزيد عندك أو عمرو؟ شاكّ في أصل وجود أحدهما عنده ؛ فإذا قال : نعم ، أثبتّ وجود أحدهما مبهما ؛ فإذا أردت التعيين قلت : أزيد عندك أم عمرو؟ فالجواب أن تقول : زيد أو عمرو ، ولا تقول : (نعم) ولا : (لا) ، ولو قال في جواب (أو) : (لا) أو : (نعم) جاز.
فصل : وأمّا (حتّى) (١) فقد تكون بمعنى (الواو) بشروط قد ذكرت في بابها.
فصل : وحروف العطف غير عاملة ؛ لأنها لو عملت لعملت عملا واحدا ، والواقع بعدها أعمال مختلفة ، ولأنّها غير مختّصة بالأسماء ولا بالأفعال فعلم أنّها نائبة عن ذكر العامل لا نائبة عنه في العمل.
فصل : ولا يعطف على الضمير المرفوع المتصل حتّى يؤكد ، وقال الكوفّيون : يجوز من غير توكيد.
حجّة الأوّلين : أنّ الضمير إن كان مستترا لم يعطف عليه ؛ لأن العطف من أحكام الألفاظ لا المعاني ، وإن كان ملفوظا به فهو في حكم جزء من الفعل بدليل أنّ الفعل يسكن له وأدلة أخرى قد ذكرناها في باب الفاعل فالعطف عليه كالعطف على بعض الكلمة فإذا أكّد قوي.
واحتج الآخرون بقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨] وبقول الشاعر (٢) : [الخفيف]
__________________
(١) حتى العطف بها قليل. وشرط العطف بها أن يكون المعطوف اسما ظاهرا ، وأن يكون جزءا من المعطوف عليه أو كالجزء منه ، وأن يكون أشرف من المعطوف عليه أو أخسّ منه ، وأن يكون مفردا لا جملة ، نحو «يموت الناس حتى الأنبياء. غلبك الناس حتى الصبيان. أعجبني عليّ حتى ثوبه». واعلم أنّ «حتى» تكون أيضا حرف جرّ ، كما تقدم. وتكون حرف ابتداء ، فما بعدها جملة مستأنفة.
(٢) البيت من شعر عمر بن أبي ربيعة : (٢٣ ـ ٩٣ ه / ٦٤٣ ـ ٧١١ م) وهو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي القرشي ، أبو الخطاب. أرق شعراء عصره ، من طبقة جرير والفرزدق ، ولم يكن في قريش أشعر منه.