مسألة : ولا يجوز العطف على عاملين ، وأجازه الأخفش وصورته : ما زيد بذاهب ولا قائم عمرو ، ف (قائم) معطوف على المجرور ، و (عمرو) معطوف على المرفوع ، ولا يجيزه الأخفش إلا إذا ولي المجرور المجرور وتأخر المرفوع كقولك : زيد في الدار والسوق وعمرو.
وحجّة الأولين من وجهين :
أحدهما : أنّ حرف العطف نائب عن العامل ، وليس من قوته أن ينوب عن اثنين فلذلك لا يصحّ إظهارهما بعده.
والثاني : أنه لو جاز العطف على عاملين لجاز على أكثر ولجاز أن يتقدم المرفوع على المجرور كقولك : زيد في الدار وعمرو السوق أنّه واحتج الآخرون بقوله تعالى : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) إلى قوله : (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الجاثية : ٥] ف (اختلاف) بالجرّ معطوف على : (خَلَقَكُمْ) و (آيات) الثالثة معطوفة على (آيات) الأولى المنصوبة ب (إنّ) وبقول الشاعر (١) : [المتقارب]
هوّن عليك فإنّ الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها |
ف (قاصر) معطوف على (آتيك) ، و (مأمورها) على (منهيّهّها).
وقال آخر : [المتقارب]
أكلّ امرىء تحسبين امرءا |
|
ونار توقّد في الحرب نارا |
والجواب : أمّا الآية فلا حجّة فيها ؛ لأن الآيات ذكرت توكيدا رفعت أو نصبت لتقدّم ذكرها ، وأمّا البيت فيروى بالرفع على أنّه خبر مقدّم وبالنصب عطفا على موضع خبر ليس وبالجرّ على غير ما احتّج به ، وبيانه أنّ (مأمورها) مرفوع ب (قاصر) ؛ لأنه من سبب اسم : (ليس) فلا يكون عطفا على عاملين.
فإن قيل : من شروط ذلك أن يكون الضمير هو اسم ليس ليكون من سببه ، والضمير في (مأمورها) للأمور لا للمنهي؟
__________________
(١) الأبيات للإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه.