عرّفت كان التعريف ساريا من الثاني إلى الأوّل بعد أن مضى لفظه على لفظ النكرة بخلاف الألف واللام ، ثم ما فيه الألف واللام وعمله ضعيف ؛ لأن الألف واللام أداة زائدة في أوّله تنقله من التنكير إلى التعريف في أوّل أحواله ومع ذلك فعمله جائز ؛ لأن الشبه فيه باق وهو قليل في الاستعمال ، ولم يأت في القرآن منه معمل في غير الظرف فيما علمنا وإن جاء معملا في الظرف كقوله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ) [النساء : ١٤٨] فأمّا قول الشاعر : [المتقارب]
ضعيف النكاية أعداءه |
|
يخال الفرار يراخي الأجل |
فتقديره : (ضعيف النكاية في أعدائه) فلمّا حذف حرف الجر وصل المصدر ، وقيل : لا يحتاج إلى حرف يعدّيه فأمّا قول الشاعر (١) : [الطويل]
لقد علمت أولى المغيرة أنّني |
|
كررت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا |
ف (مسمعا) منصوب ب (الضرب) ، وقيل : منصوب ب (كررت) وحرف الجرّ محذوف والأوّل أقوى ؛ لأن المصدر أقرب إليه وهو معتد بنفسه ، ويروى : (لحقت) وهو الناصب في أقوى الوجهين ؛ لأن الفعل وإن تقدّم فهو أقوى من المصدر ولا سيما مع الألف واللام.
فصل : ولا يتقدّم معمول المصدر عليه ولا يفصل بينهما بخبر ولا صفة ولا أجنبي بحال ؛ لأنه موصول.
__________________
لذلك لا يعمل المصدر المؤكّد ، ولا المبيّن للنوع ، ولا المصغّر ، ولا ما لم يرد به الحدث. فلا يقال «علّمته تعليما المسألة» ، على أنّ «المسألة منصوبة بتعليما» بل بعلّمت ، ولا «ضربت ضربة وضربتين اللصّ» ، على نصب اللص بضربة أو ضربتين ، بل بضربت ، ولا «يعجبني ضريبك اللصّ» ، ولا «لسعيد صوت صوت حمام» ، على نصب «صوت» الثاني بصوت الأول بل يفعل محذوف ، أو يصوت صوت حمام ، أي يصوّت تصويته. ويجوز أن يكون مفعولا به لفعل محذوف ، أي يشبه صوت حمام.
(١) البيت من شعر المرار الفقعسي : وهو المرّار بن سعيد بن خالد بن نضلة الفقعسي الأسدي.
شاعر كان جده خالد بن نضلة قائد بني أسد يوم الكلاب وعاش في العصر الأموي ، كان قصيرا مفرط القصر ، ولكنه كان شجاعا كريما ولكنه كان من الشعراء اللصوص وقد سجن مرتين كان من سكان البادية ، وكان كثير الشعر ، ولكن فقد أكثره وموضوعات شعره تتناول الوصف والرثاء والفخر والغزل والهجاء.