والمحدث أخصّ من الموجود لخروج القديم سبحانه منه وعلى هذا المراتب إلى أن يصل إلى المشار إليه والعلم المختصّ فإنّه أعرف المعارف فإنّه لا يتناول إلا واحدا.
فصل : والمعرفة (١) ما خصّ الواحد بعينه إمّا شخصا من جنس كزيد وعمرو.
وإمّا جنسا كأسامة للأسد وابن قترة لضرب من الحيّات وابن أوى ؛ فإنّ هذه الأشياء أعلام ينتصب عنها الحال.
فصل : والأداة التي تعرف بها النكرة من المعرفة ربّ والألف واللام فما حسن دخولها عليه فهو نكرة أمّا ربّ فسبب دلالتها على ما ذكرناه فيها في حروف الجرّ فأمّا قولهم : ربّه رجلا فالضمير هنا في حكم النكرة إذا لم يتقدّمه ظاهر يعود عليه وإنّما يفسّر بما بعده ولو لا السماع لما قبل ؛ ولذلك لا يثنّى هذا الضمير ولا يجمع ولا يؤنّث ، وأمّا اللام فسيأتي ذكرها (٢).
__________________
(١) المعرفة : اسم دلّ على معّين. كعمر ودمشق وأنت. والمعارف سبعة أنواع الضمير والعلم وإسم الإشارة والإسم الموصول والإسم المقترن ب (أل) والمضاف إلى معرفة والمنادى المقصود بالنداء.
(٢) وعلامة النكرة أن تقبل دخول ربّ عليها نحو رجل وغلام تقول ربّ رجل وربّ غلام وبهذا استدلّ على أن من وما قد يقعان نكرتين كقوله :
(ربّ من أنضجت غيظا قلبه |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع) |
وقوله :
(لا تضيقنّ بالأمور فقد |
|
تكشف غمّاؤها بغير احتيال) |
(ربّما تكره النّفوس من الأمر |
|
له فرجة كحلّ العقال) |
فدخلت ربّ عليهما ولا تدخل الا على النكرات فعلم أن المعنى ربّ شخص أنضجت قلبه غيظا وربّ شيء من الأمور تكرهه النفوس.
فإن قلت فإنك تقول ربّه رجلا وقال الشاعر :
(ربّه فتية دعوت الى ما |
|
يورث المجد دائبا فأجابوا) |
والضمير معرفة وقد دخلت عليه ربّ فبطل القول بأنها لا تدخل الا على النكرات.
قلت : لا نسلم أن الضمير فيما أوردته معرفة بل هو نكرة وذلك لأن الضمير في المثال والبيت راجع الى ما بعده من قولك رجلا وقول الشاعر فتية وهما نكرتان وقد اختلف النحويون في الضمير الراجع إلى النكرة هل هو نكرة أو معرفة على مذاهب ثلاثة أحدها أنه نكرة مطلقا والثاني أنه معرفة مطلقا والثالث أن النكرة التي يرجع اليها ذلك الضمير اما أن تكون واجبة التنكير أو جائزته كما في قولك جاءني رجل فأكرمته فالضمير معرفة وانما كانت النكرة في المثال والبيت واجبة التنكير لأنها تمييز والتميز لا يكون الا نكرة وانما كانت في قولك جاءني رجل فأكرمته جائزة التنكير لأنها فاعل والفاعل لا يجب أن يكون نكرة بل يجوز أن يكون نكرة وأن يكون معرفة تقول جاءني رجل وجاءني زيد.