واحتج الأولون بأنّ الأصل عدم التركيب وإنّما يصار إليه لدليل ظاهر ولا دليل على ذلك بل الدليل يدلّ على فساده وبيانه من وجهين :
أحدهما : جواز تقدّم معمول معمولها عليها كقولك : زيدا لن أضرب وأن لا يتقدم عليها ما في حيّزها وبذلك احتج سيبويه على الخليل ، وقد اعتذر عنه بأنّ التركيب غيّر الحكم كما غيّر المعنى وهذه دعوى ألا ترى أنّ لو لا لما تغيرت في المعنى للتركيب لم يتغيّر الحكم في التقديم والتأخير.
والوجه الثاني : أن لا أن يتقدّمها ما يتعلق بالمعنى ولن لا يلزم فيها ذلك.
فصل : وأما كي فتكون ك (أن) في العمل بنفسها فلا يضمر بعدها شيء ، وذلك إذا أدخلت عليها اللام كقوله تعالى : (لِكَيْلا تَأْسَوْا) [الحديد : ٢٣] إلّا أن فيها معنى التعليل فلذلك لا يحسن أن تقول أريد كي تقوم.
والوجه الثاني : أن تكون حرف جرّ بدليل دخولها على الاسم كقولك : كيمه بمعنى لمه وما اسم للاستفهام والهاء لبيان الحركة والألف محذوفة ولو كانت كي بمعنى أن لم تدخل على الاسم فإذا دخلت هذه على الفعل كانت أن بعدها مضمرة ؛ لأن حرف الجرّ لا يعمل في الفعل فتضمر معه أن لتصير داخلة على الاسم في التقدير وهذا هو حكم اللّام فإن دخلت اللام على كي وجب أن تصيّر بمعنى أن ؛ لأن حرف الجرّ لا يدخل على مثله.
فصل : وأمّا إذن فحرف مفرد وقال الخليل أصلها إذ أن فحذفت الهمزة وركّبا كما قال في لن وهذه دعوى مجرّدة.
و (إذن) تعمل بخمس شرائط :
أحدها : أن تكون جوابا.
والثانية : أن لا يكون معها حرف عطف.
والثالث : أن يعتمد الفعل عليها.
والرابعة : أن لا يفصل بينها وبين الفعل بغير اليمين.
والخامسة : أن يكون الفعل مستقبلا.