أحدهما : أن يكون الفعل الذي بعدها وسببه ماضيين كقولك : سرت حتّى أدخلها إذا كنت قد سرت ودخلت فكأنّك قلت : سرت فدخلتها ماضيا.
والثاني : أن يكون السبب ماضيا وما بعدها حالا كقولك : سرت حتّى أدخلها إذا قلت ذلك وأنت في حال الدخول وإنّما رفعت فيهما ؛ لأن النصب يكون بإضمار أن وأن تخلّص الفعل للاستقبال فلذلك إذا كان ماضيا أو حالا لم ينتصب ؛ لأن أن لا تصلح فيه وكذلك لا يرتفع بعد النفي والاستفهام ؛ لأنّهما سببين في الحال كقولك : ما سرت حتّى أدخلها وأسرت حتّى تدخلها وكلّ ما في معنى النفي نفي.
فإن قلت : من سار حتّى يدخلها جاز الرفع ؛ لأن الاستفهام عن السائر لا عن السير.
فإن قلت : كان سيري حتّى أدخلها لم يجز الرفع ؛ لأنه خبر كان والرفع على معنى العطف فيصير داخلا في المعطوف عليه ولا يبقى لكان خبر.
فإن قلت : كان سيري أمس حتى أدخلها جاز الأمران.
مسألة : لا يجوز إظهار أن بعد حتّى ؛ لأن ذلك لم ينقل إلا في شاذّ لا يعتدّ به ووجهه من القياس أنّ حتّى لمّا كانت عاملة في موضع وغير عاملة في آخر كان معناها الغاية في كلّ موضع أشبهت بذلك واو القسم فلم يظهر الفعل معه وهو العامل الذي يتعلّق به الجار وكذلك عامل الظّرف وخبر المبتدأ في لو لا وفي لعمرك.
مسألة : لا يجوز إظهار أن مع لام كي في النفي كقوله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ١٧٩] وأكثرهم يخصّ التمثيل بكان وأجاز الكوفيّون إظهارها.
وحجّة الأوّلين من وجهين :
أحدهما : أنّ النفي هنا جواب إثبات فعل لا يظهر معه والجواب على وفق المجاب عنه فكأنّ قائلا قال سيذر المؤمنين فقال : ما كان ليذر المؤمنين.
والثاني : أنّ الكلام طال بالنفي فلم يزد عليه شيء آخر مع ظهور المراد كما في خبر لو لا وخبر لعمرك ومن العجب إجازة الكوفيين إظهار أن بعدها في قولهم : اللام هي العاملة.