أحدهما : أن هذا لا يطّرد في كلّ موضع ؛ ولذلك جاز تأنيث المذكر وهو رجوع من الأصل إلى الفرع.
والثاني : أن قصر الممدود ردّ إلى الأصل من وجه وهو حذف الزائد ولا يعتبر أن يكون ردّا إلى كلّ الأصول إذ ذلك محال.
فصل : وأما مدّ المقصور فغير جائز عند البصريين ؛ لأنه زيادة في الكلمة ؛ ولذلك لم يسغ للشاعر أن يزيد أيّ حرف شاء بخلاف قصر الممدود ؛ فإنه حذف الزائد والأصل عدم الزيادة.
وقال الكوفيون هو جائز واحتجوا بقول الشاعر : [الوافر]
سيغنيني الذي أغناك عنّي |
|
فلا فقر يدوم ولا غناء |
فمدّ الغنا وهو مقصور.
والجواب أنّه يروى بفتح العين على أنه مصدر أغنيت عنه غناء وإغناء ومن رواه بالكسر جعله مصدر غانيت وتغانيت مثل قولك : قاتلته قتالا وترامينا رماء أي تراميا.
فصل : ويجوز له إظهار المدغم ؛ لأنه الأصل كما أنّ الأصل التصحيح ومنه قول الشّاعر : [الرجز]
الحمد لله العليّ الأجلل
وقال الآخر : [البسيط]
مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي |
|
أنّي أجود لأقوام وإن ضننوا |
أي : الأجلّ ، وإن منّوا وهذا أحسن من الزيادة والنقصان.
فصل : ويحذف التنوين في الشعر لالتقاء الساكنين ، قال أبو الأسود الدؤلي:[المتقارب]
فألفيته غير مستعتب |
|
ولا ذاكر الله إلّا قليلا |
بنصب اسم الله وقرأ بعض القرّاء : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) بالنصب أي سابق النهار.
فصل : ومن ذلك حذف الياء بعد الكسرة والواو بعد الضمّة فمن الأوّل قول الشاعر (١) : [الوافر]
__________________
(١) البيت من شعر مضرس بن ربعي الأسدي : وهو مضرس بن ربعي بن لقيط الأسدي. شاعر حسن التشبيه والرصف ، أورد له البغدادي أبياتا جيدة في وصف ليلة ويوم ، ومقطوعة فيها حكمة. وقال : (هو ـ