والثاني : أنّ من وما تختصان ف (من) لمن يعقل و (ما) لما لا يعقل والذي تصلح لهما ، والأصل في الصفة أن تكون مشتقّة من الفعل والفعل لا يختصّ فالمشتقّ منه كذلك ف (من وما) لاختصاصهما أشبها الأعلام فلم يوصف بهما.
فصل : والياء واللّام في الذي أصلان وقال الكوفيون الاسم الذال وحده وما عداه زائد.
وحجّة الأوّلين : أنّ الذي اسم ظاهر فلم يكن على حرف واحد كسائر الأسماء الظاهرة يدلّ عليه أنّ الذال لم تستعمل في هذا الاسم وحدها فلو كانت الياء واللام زائدتين لجاز حذفهما في هذا الجنس.
واحتجّ الآخرون من وجهين :
أحدهما : أنّ الياء تسقط في التثنية فلو كانت أصلا لم تسقط ، وأمّا اللّام فزيدت ليمكى النطق بالذال ساكنة ولتدخل الألف واللام على متحرك.
والثاني : ما جاء في الشعر من حذف الياء وتسكين الذال كقول الشاعر : [الرجز]
كاللّذ تزبّى زبية فاصطيدا
ولا نظير له فيما هو على أكثر من حرف.
والجواب : أمّا حذف الياء في التثنية فقد أجبنا عنه في باب التثنية وحذف الياء في الشعر شاذّ لا يدلّ على أنّها زائدة ؛ لأنه قد حذف في الشعر كثير من الأصول كقوله : (درس المنا) ، و (من ورق الحمي) ، وقد تقدّم ذكر ذلك.
فصل : والألف والّلام في الذي زائدتان لا للتعريف لوجهين :
أحدهما : أنّ تعريف الذي بالصلة بدليل تعرّف من وما بها إذ لا لام فيهما وما يعرّف في موضع بشيء يعرّف في موضع آخر بذلك الشيء.
والثاني : أنّ الألف واللام لو حصّلا التعريف لكان الاسم مستعملا بدونهما نكرة إذ جميع ما تدخل عليه لام التعريف كذلك فإن قيل : لو كانا زائدتين لجاز حذفهما قيل من الزوائد ما يلزم كالفاء في قولك : خرجت فإذا زيد ونحوها.
فصل : وإنّما تعرفت هذه الأسماء بالصّلات ؛ لأن الصّلات تخصّصها ؛ لأن الصلة جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر وكلاهما خاصّ فجريا مجرى الصفة المخصصة نهاية التخصيص.