فإن قيل : كيف تعرّف الجملة وهي نكرة ؛ ولذلك تفسّر بالنكرة ففيه جوابان :
أحدهما : أنّ الجملة التي هي صلة لا تخلو من ضمير هو الموصول في المعنى والضمير معرفة فتخصصت الجملة به وكان الفعل من الجملة يلزمه الفاعل وهو معرفة وكذلك المبتدأ وصارت الجملة مع الذي بمنزلة وصف معرّف بالألف واللّام.
والثاني : أنّ الجملة ليست نكرة باعتبار نفسها بل تقدّر باسم نكرة فإذا انضمّ إليها الذي صار في حكم المركّب فالجملة كالمفرد النكرة والذي نعت لما قبلها فحدث عند التركيب معنى لم يكن للمفرد على ما هو المألوف في المركّبات.
فصل : وإنّما كانت الصلة جملة خبريّة لأربعة أوجه :
أحدها : أنّ الغرض منها إيضاح الموصول وغير الخبريّة من الأمر والاستفهام مبهم فلا يحصل الإيضاح.
والثاني : أنّ الذي اسم ظاهر والأسماء الظاهرة للغيبة فلو وصلت بالأمر والنهي للمواجه لتناقضا ؛ لأن المواجهة خطاب وإن كانا للغائب لزم أن يكون فاعلهما غير الذي والضمير العائد على الذي هو الذي في المعنى فيتدافعان وكذلك الاستفهام.
والثالث : أنّ الذي وصلته مقدّران باسم واحد والاسم الواحد لا يدلّ على الأمر والنهي والاستفهام مع دلالته على مسمّى آخر.
والرابع : أنّ الذي وصلته يخبر عنهما تارة وبهما أخرى والأمر والنهي والاستفهام لا يصحّ فيها ذلك ، فإن قيل : فما تقول في بيت الفرزدق : [الطويل]
وإنّي لرام نظرة قبل الّتي |
|
لعلّي وإن شطّت نواها أزورها |
فجعل الصّلة لعلّ قيل هو شادّ وتأويله أنّه حذف القول وتقديره التي أقول لعلّي وما جاء من ذلك فهذا سبيله.
فصل : وفي الذي أربع لغات الجيدة الذي بسكون الياء والثانية حذفها اجتزاء بالكسرة عنها والثالثة تسكين الذّال على إجراء الوصل مجرى الوقف والرابعة تشديد الياء على المبالغة كما زيدت في الصفات كأحمريّ ودوّاريّ.