والثاني : أنّا لو قضينا بزيادتها لكانت الميم فاءها وعينها وهو شاذّ لم يأت منه إلّا ددن وكوكب ويجب أن يحمل على الأكثر لا على الشاذّ ، وأمّا إمّر وإمّرة فأصل أيضا لما ذكرنا.
فإن قيل : فإمّعة من مع ؛ لأنه الذي يكون مع كلّ أحد؟
قيل له : إمّعة ليس مشتقّا من مع ؛ لأن مع اسم جامد لا يشتقّ منه وإنّما اللفظ قريب من الفظ والمعنى قريب من المعنى وهذا لا يوجب الاشتقاق ألا ترى أنّ سبطا وسبطرا ودمثا ودمثرا بمعنى واحد ولا يحكم بزيادة الراء ويدلّ على أن إمّرا همزته أصل أنّه من الأمر ؛ لأنه المؤتمر لكلّ أحد.
وأمّا (أولق) ففيه قولان :
أحدهما : أنّه أفعل من الولق وهو السّرعة ومنه قوله تعالى : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) [النور : ١٦] على قراءة من قرأ بكسر اللام وتخفيف القاف وضمّها ومنه قيل للأحمق أولق لسرعته فعلى هذا لو سمّيت به لم تصرفه.
والقول الثاني : هو فوعل والواو زائدة والدليل عليه قوله للمجنون : مألوق ومؤولق على مفعول ومفوعل ويجوز أن تكون من الولق أيضا وتكون الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت واو أواصل همزة.
وأمّا (أرنب وإصبع وأبلم وإثمد وإثلب) فالهمزة فيهنّ زائدة وهي أسماء حملت على الأكثر وبعضها مشتقّ وهو إثمد ؛ فإنه من الثّمد وهو الماء القليل.
مسألة : أوّل أفعل الهمزة فيه زائدة والكلمة من باب ددن فاؤها وعينها من موضع واحد والدّليل على ذلك أنّها أفعل التي للتّفضيل ؛ لأنها تصحبها من نحو قولك : هذا أوّل من هذا ولا يجوز أن تكون فوعلا ولا فعّلا ؛ لأن هذين البناءين ليسا للتفضيل.
وذهب قوم إلى أنّ أصل أوّل من آل يؤول وأصله أأول فقلبت الهمزة الثانية واوا ثمّ أدغمت.
وقال آخرون : هو من وأل يئل فاصله أوأل ثم أبدلت الهمزة التي بعد الواو واوا ثم أدغم وكلا القولين خطأ ؛ لأن حكم الهمزة السّاكنة الواقعة بعد همزة مفتوحة أن تقلب ألفا مثل آدم وحكم الهمزة المفتوحة إذا أريد تخفيفها أن تنقل حركتها إلى ما قبلها فأمّا أن تبدل واوا فلا.