وإذا اختلفت المعاني اختلفت الأسماء الدالّة عليها ؛ ليكون كلّ اسم دالّا على معنى من غير اشتراك وهو أقرب إلى الأفهام.
فصل : وإنّما خصّوا الإعراب بالرفع (١) ؛ لأن الرفع ضمّة مخصومة والنصب فتحة مخصومة ، وكذلك الجرّ والجزم وحركة البناء حركة مطلقة ، والواحد المخصوص من الجنس لا يسمى باسم الجنس كالواحد من الآدميين إذا أردت تعريفه علّقت عليه علما كزيد وعمرو ، ولا تسمّيه رجلا لا اشتراك الجنس في ذلك ، فضّمة الإعراب كالشخص المخصوص ، وضمة البناء كالواحد المطلق.
فصل : والحركة مع الحرف لا بعده ولا قبله ، وقال قوم منهم ابن جني : هي بعده والدليل على الأوّل من وجهين :
أحدهما : أن الحرف يوصف بالحركة فكانت معه كالمدّ والجهر والشدّة ونحو ذلك ، وإنما كان كذلك لأن صفة الشيء كالعرض ، والصفة العرضية لا تتقدّم الموصوف ولا تتأخر عنه إذ في ذلك قيامها بنفسها.
والثاني : أنّ الحركة لو لم تكن مع الحرف لم تقلب الألف إذا حرّكتها همزة ، ولم تخرج النون من طرف اللسان إذا حركتها بل كنت تخرجها من الخيشوم ، وفي العدول عن ذلك دليل على أن الحركة معها.
واحتجّ من قال هي بعد الحرف بوجهين :
أحدهما : أنّك لمّ لم تدغم الحرف المتحرّك فيما بعده نحو : (طلل) دلّ على أنّ بينهما حاجزا وليس إلا الحركة.
والثاني : أنّك إذا أشبعت الحركة نشأ منها حرف ، والحرف لا ينشأ منه حرف آخر فكذلك ما قاربه.
__________________
(١) علامات الإعراب الأصليّة : الضمة للرفع والفتحة للنصب ، والكسرة للجر ، وحذف الحركة للجزم.
ويشترك في الرفع والنصب الاسم والفعل ، مثل قولك «العاقل يصون شرفه» و «أن العجول لن يتقن عملا». ويختصّ الجرّ بالاسم مثل : «في ساحة العلم الخلود» ويختصّ الجزم بالفعل ، مثل «لم ينل الخير ملول».