وذهب قوم إلى أنّ المضاف إلى ياء المتكلّم غير مبنيّ ، إذ لا علّة فيه توجب البناء وغير معرب إذ لا يمكن ظهور الإعراب فيه مع صحّة حرف إعرابه وسمّوه : (خصيّا) والذي ذهبوا إليه فاسد ؛ لأنه معرب عند قوم مبنيّ عند آخرين ، وسنبين ذلك على أنّ تسميتهم إيّاه :
(خصيّا) خطأ ؛ لأن الخصيّ ذكر حقيقة وأحكام الذكور. ثابتة له وكان الأشبه بما ذهبوا إليه أن يسمّوه : (خنثى مشكلا).
والرابع : أنّ الجزم حذف ، وذلك تخفيف فيليق بالفعل لثقله ، أما الاسم فخفيف فجزمه يحذف منه التنوين والحركة ، وذلك إجحاف به.
والخامس : أنّ الجزم في الأسماء يسقط التنوين ، وهو دليل الصرف ، والحركة التى هي دليل المعنى وليس كذلك جزم الأفعال.
والسادس : أنّ الجزم يحدث بعوامل لا يصحّ معناها في الأسماء.
__________________
ـ وحجة الأولين : أن القسمة تقضي بانحصار هذا المعنى في القسمين المذكورين : المعرب والمبني لان المعرب هو الذي يختلف آخره باختلاف العامل فيه لفظا أو تقديرا والمبني ما لزم آخره حركة أو سكونا وهذان ضدان لا واسطة بينهما لان الاختلاف وعدم الاختلاف يقتسمان قسيمي النفي والاثبات وليس بينهما ما ليس بمثبت ولا منفي يدل عليه ان الاضداد قد تكثر مثل البياض والحمرة والسواد ولكن لكل واحد منها حقيقة في نفسه والنفي والاثبات ليس بينهما واسطة هي ضد ينبئ عن حقيقة كالحركة والسكون.
واحتج الآخرون : بأن المضاف إلى ياء المتكلم ليس بمعرب إذ لو كان معربا لظهرت فيه حركة الإعراب لانه يقبل الحركة وليس بمبني إذ لا علة للبناء هنا فلزم أن ينتفي الوصفان هنا ويجب ان يعرف باسم يخصه وتلقيبه بالخصي موافق لمعناه لان الخصي معدوم فائدة الذكورية ولم يثبت له صفة الانوثية فهو في المعنى كالمضاف إلى ياء المتكلم فانه كان قبل الإضافة معربا (فلما عرضت له الإضافة زال عنه الاعراب ولم يثبت له صفة البناء) كما ان السليم الذكر والخصيين عرض له إزالتها ولم يصر بذلك انثى.
والجواب عما ذكروه من وجهين :
أحدهما : انا نقول : هو معرب تارة لكن ظهور الحركة فيه مستثقل كما يستثقل على الياء في المنقوص وكما يمتنع على الألف. ولم يمنع ذلك من كونه معربا. وتارة تقول : هو مبني. وعلة بنائه أن حركته صارت تابعة للياء فتعذر أن تكون دالة على الإعراب. ولذلك أشبه الحرف. لانه أصل قبل الإضافة وصار بعد الإضافة تابعا للمضمر الذي هو فرع كما أنك تحرك الساكن لالتقاء الساكنين حركة بناء. ولذلك إذا وجدت في المعرب كانت بناء. كقولنا : لم يسد. ولم يصر هذا الفعل معربا وضمه وفتحه وكسره بناء.
والوجه الثاني : أن تسميته خصيا خطأ. لان الخصي ذكر على التحقيق. ، وإنما زال عنه بعض أعضائه وحقيقة الذكورية وحكمها.