فصل : والمقصور من قولك : قصرته ، أي حبسته ومنه : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [الرحمن : ٧٢] وامرأة قصيرة ومقصورة ، أي : محبوسة في خدرها ، ومنه قول كثيّر (١) : [الطويل]
وأنت الّتي حبّبت كلّ قصيرة |
|
إليّ وما يدري بذاك القصائر |
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد |
|
قصار الخطا شرّ النساء البحاتر |
فصل : وفي معنى تسميته : (مقصورا) أربعة أوجه :
أحدها : أنّ الإعراب قصر فيه (٢) فيكون تقديره المقصور فيه الإعراب ، ثم حذف وجعل اسما للاسم الذي هذه صفته.
والثاني : أنّه قصر عن الإعراب ، أي : حبس عن ظهور الإعراب في لفظه.
__________________
٢ ـ أن يكون محذوف العين أي وسط الكلمة نحو «مر» اسم فاعل من «أرى» أصله «مرئي» نقلت حركة عينه وهي الهمزة إلى الرّاء ، ثمّ حذفت للتّخفيف ، وأعلّ قاض (قاض : أصلها قاضي بياء ساكنة وتنوين ساكن فحذفنا الياء الساكنة للتخلص من التقاء الساكنين) فلا يجوز حذف الياء في الوقف.
٣ ـ أن يكون منصوبا منوّنا نحو (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً) (الآية «١٩٣» من سورة آل عمران) ، أو غير منوّن نحو (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) (الآية «٢٦» من سورة القيامة) ، فإن كان مرفوعا أو مجرورا جاز إثبات يائه وحذفها ، ولكنّ الأرجح في المنوّن الحذف نحو «هذا ناد» و «نظرت إلى ناد» ويجوز الإثبات (ورجحه يونس) وبذلك قرئ (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (الآية «٧» من سورة الرعد) ، (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) (الآية «١١» من سورة الرعد) والأرجح في غير المنوّن الإثبات نحو «هذا الدّاعي» و «مررت بالرّاعي» و «قرأ الجمهور (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (الآية «٩» من سورة الرعد) بالحذف».
(١) كثير عزة : (٤٠ ـ ١٠٥ ه / ٦٦٠ ـ ٧٢٣ م) وهو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن مليح من خزاعة وأمه جمعة بنت الأشيم الخزاعية. شاعر متيم مشهور ، من أهل المدينة ، أكثر إقامته بمصر ولد في آخر خلافة يزيد بن عبد الملك ، وتوفي والده وهو صغير السن وكان منذ صغره سليط اللسان وكفله عمه بعد موت أبيه وكلفه رعي قطيع له من الإبل حتى يحميه من طيشه وملازمته سفهاء المدينة. واشتهر بحبه لعزة فعرف بها وعرفت به وهي : عزة بنت حميل بن حفص من بني حاجب بن غفار كنانية النسب كناها كثير في شعره بأم عمرو ويسميها تارة الضميريّة وابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة. وسافر إلى مصر حيث دار عزة بعد زواجها وفيها صديقه عبد العزيز بن مروان الذي وجد عنده المكانة ويسر العيش. وتوفي في الحجاز هو وعكرمة مولى ابن عباس في نفس اليوم فقيل : (مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس).
(٢) تقدّر الحركات الثلاث في الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة لتعذّر ظهورها ك «الهدى» و «المصطفى». ويسمى معتلّا مقصورا.