وأمّا ثبوتها في : (عصوان) و (فتيان) فلأنّ الحركة ظهرت لمّا عاد الحرف إلى أصله ، وأمّا ثبوتها في : (هذان) ففيه وجهان :
أحدهما : أنّها صيغة وضعت للتثنية لا أنّها تثنية (هذا) على التحقيق ، وقد بيّنا علّته في أوّل الباب وكذلك : (اللذان).
والثاني : أنّ (هذان) و (اللذان) (١) بنيا في الإفراد لشبههما بالحرف وبالتثنية زال ذلك إذ الحرف لا يثنى ، وإذا استحقّا أعربا استقّا الحركة والتنوين.
وذهب قوم إلى أنّ النون فيهما عوض من الحرف المحذوف وهما الألف في : (هذا) والياء في : (الذي).
فإن قيل : حرف المدّ عندكم عوض من الحركة فكيف يعوّض منها النون أيضا؟
ففيه وجهان :
أحدها : أنّ حروف المدّ ليست عوضا من الحركة بل دالّة على الرفع الذي تدّل عليه الحركة ، والنون عوض من لفظ الحركة المستحقّة وبين لفظ الحركة واستحقاقها فرق بيّن ألا ترى أنكّ لو سميت امرأة ب (قدم) لم تصرفها لتحرّك أوسطها ، ولو سمّيتها ب (دار) و (فيل) لصرفت بلا خلاف وإن كانت الحركة مستحقّة لكنّها معدومة لفظا.
والثاني : أنّ حروف المدّ ضعفت نيابتها عن الحركة إذ كانت حروف إعراب وأدلّة على التثنية والجمع ؛ فجبروا ضعف نيابتها عنها بأن جعلوها عوضا من الحركة من وجه وعوضا من التنوين من وجه.
وأما مذهب الفرّاء فيبطل من أوجه :
__________________
الدور لانه لا يثبت كونه اسما الا باستحقاق الاعراب ولا يستحق الاعراب الا بكونه اسما وهكذا سبيل التنوين وغيره.
(١) من الأسماء المبنية : أسماء الإشارة التى ليست مثناة ؛ نحو : هذا كريم ، وتلك محسنة. بخلاف : «هذان كريمان ، وهاتان محسنتان». فهما معربان عند التثنية ؛ على الصحيح. وأسماء الموصول غير المثناة ، والأسماء الأخرى التى تحتاج بعدها ـ وجوبا ـ إلى جملة أو شبهها ؛ تكمل معناها ، ولا تستغنى عنها بحال. فمثال الموصول : جاء الذى يقول الحق. وسافر الذى عندك ، أو الذى فى ضيافتك.