سباعها ، وعضو بأخرى تمزقة هو أمها ، وعضو قد صار ترابا يبنى به مع الطير في حائط؟ قال : ان الذي انشأه من غير شيء وصوره على غير مثال كان سبق اليه قادر أن يعيده كما بدأه قال : أوضح لي ذلك ، قال : ان الروح مقيمة في مكانها روح المحسن في ضياء وفسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا كما منه خلق ، وما تقذف به السباع والهوام من أجوافها ، فما أكلته ومزقته كل ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة في ظلمات الأرض ويعلم عدد الأشياء ووزنها ، وان تراب الروحانيين بمنزلة الذهب في التراب ، فاذا كان حين البعث مطرت الأرض مطر النشور ، فتربوا الأرض ثم يمخض مخض السقاء فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء ، والزبد من اللبن إذا مخض ، فيجتمع تراب كل قالب الى قالبه. فينتقل بإذن الله تعالى القادر الى حيث الروح ، فتعود الصور بإذن الله المصور كهيئتها وتلج الروح فيها فاذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئا.
٨٨ ـ وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهمالسلام ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين : فان إبراهيم عليهالسلام قد بهت الذي كفر ببرهان على نبوته؟ قال له على عليهالسلام : لقد كان كذلك ومحمد صلىاللهعليهوآله أتاه مكذب بالبعث بعد الموت وهو أبى بن خلف الجمحي معه عظم نخر ففركه (١) ثم «قال» : يا محمد (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فأنطق الله محمدا بمحكم آياته وبهته ببرهان نبوته ، فقال : (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) فانصرف مبهوتا.
٨٩ ـ وفيه أيضا قال أبو محمد العسكري عليهالسلام : قال الصادق عليهالسلام : وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وأحياه له فقال حاكيا عنه : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) فقال الله في الرد عليه : «قل» يا محمد (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) فأراد من نبيه أن يجادل
__________________
(١) نخر العظم : بلى وتفتت. وفرك الشيء : دلكه وفرك ـ بالتشديد : بالغ في فركه.