إلى السماء ثم انتحى عليه فقلبها جبرئيل عليهالسلام عن حلقه ، فنظر إبراهيم فاذا هي مقلوبة فقلبها إبراهيم على خدها وقلبها على قفاها ففعل ذلك مرارا ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف : (يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) واجتر الغلام من تحته ، وتناول جبرئيل الكبش من قلة ثبير فوضعه تحته ، وخرج الشيخ الخبيث حتى لحق بالعجوز حين نظرت إلى البيت والبيت في وسط الوادي ، فقال : ما شيخ رأيته بمنى؟ فنعت نعت إبراهيم عليهالسلام ، قالت : ذلك بعلى ، قال : فما وصيف رأيته معه؟ ونعت نعته قالت : ذاك إبني ، قال : فانى رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، قالت : كلا ما رأيت إبراهيم الا أرحم الناس وكيف رأيته يذبح ابنه؟ قال : ورب السماء والأرض ورب هذه البنية لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، قالت : لم؟ قال : زعم أن ربه أمره بذبحه ، قالت : فحق عليه ان يطيع ربه قال : فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شيء فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها وهي تقول : رب لا تؤاخذني بما عملت بأم إسماعيل ، قال : فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت إلى ابنها تنظر فاذا أثر السكين خدوشا في حلقه ، ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فيه.
وذكر أبان عن أبى بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت أم رسول الله صلىاللهعليهوآله عند الجمرة الوسطى ، فلم يزل مضربهم يتوارثون به كابر عن كابر(١) حتى كان آخر من ارتحل منه على بن الحسين عليهماالسلام في شيء كان بين بنى هاشم وبين بنى امية فارتحل فضرب بالعرين (٢).
٨٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليهالسلام ان إبراهيم أتاه جبرئيل عليهالسلام عند زوال الشمس من يوم التروية فقال : يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولأهلك ، ولم يكن بين مكة وعرفات ماء فسميت التروية لذلك ، فذهب به حتى انتهى به إلى منى ، فصلى بها الظهر والعصر والعشائين
__________________
(١) الكابر : الكبير. والرفيع الشأن ، يقال : توارثوا المجد كابرا عن كابر أي كبيرا شريفا عن كبير شريف.
(٢) العرين : الفناء والساحة.