سليمان عليهالسلام : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ما وجهه ومعناه؟ فقال الملك ملكان : ملك مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس ، وملك مأخوذ من قبل الله تعالى كملك آل إبراهيم وملك طالوت وذي القرنين ، فقال سليمان عليهالسلام : (هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ان يقول انه مأخوذ بالغلبة والجور وإجبار الناس فسخر الله عزوجل (لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ) رخاء حيث أصاب ، وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا ، وسخر الله عزوجل له (الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) ، وعلم منطق الطير ومكن في الأرض ، فعلم الناس في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس ، والمالكين بالغلبة والجور ، قال : فقلت له : فقول رسول الله صلىاللهعليهوآله رحم الله أخي سليمان بن داود ما كان أبخله؟ فقال : لقوله عليهالسلام وجهان : أحدهما : ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه ، والوجه الآخر يقول : ما كان أبخله ان كان أراد ما كان يذهب اليه الجهال ، ثم قال عليهالسلام : قد والله أوتينا ما اوتى سليمان ، وما لم يؤت سليمان وما لم يؤت أحد من الأنبياء ، قال الله عزوجل في قصة سليمان : هذا عطاءنا (فَامْنُنْ أَوْ ـ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) وقال عزوجل في قصة محمدصلىاللهعليهوآله : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
٥٧ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام حديث طويل يقول فيه عليهالسلام لا قوام يظهرون الزهد ويدعون الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف : (١) أخبروني اين أنتم عن سليمان بن داود عليهالسلام؟ حين سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فأعطاه الله جل اسمه ذلك ، وكان يقول الحق ويعمل به ، ثم لم نجد الله عزوجل عاب عليه ذلك ، ولا أحد من المؤمنين ، وداود النبي صلىاللهعليهوآله قبله في ملكه وشدة سلطانه.
٥٨ ـ في مجمع البيان روى مرفوعا عن النبي صلىاللهعليهوآله انه صلى صلوة فقال : ان الشيطان عرض لي ليفسد على صلوتى ، فأمكننى الله منه فدعوته ولقد هممت ان أوثقه الى سارية حتى تصبحوا وتنظروا اليه أجمعين ، فذكرت قول سليمان عليهالسلام : (هَبْ لِي
__________________
(١) التقشف : قذارة الجلد ورثاثة الهيئة.