بحرف (إِنَ) لدفع شك من شك في هذا الحكم من النساء.
والمراد ب (الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) من اتصف بهذا المعنى المعروف شرعا. والإسلام بالمعنى الشرعي هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت ، ولا يعتبر إسلاما إلا مع الإيمان. وذكر (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) بعده للتنبيه على أن الإيمان هو الأصل ، وقد تقدم الكلام عليه عند قوله تعالى : (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) في البقرة [١٣٢].
والمراد ب (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) الذين آمنوا. والإيمان : أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ويؤمن بالقدر خيره وشره. وتقدم الكلام على الإيمان في أوائل سورة البقرة.
و (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) : أصحاب القنوت وهو الطاعة لله وعبادته ، وتقدم آنفا (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) [الأحزاب : ٣١] و (الصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ) من حصل منهم صدق القول وهو ضد الكذب ، والصدق كله حسن ، والكذب لا خير فيه إلا لضرورة. وشمل ذلك الوفاء بما يلتزم به من أمور الديانة كالوفاء بالعهد والوفاء بالنذر ، وتقدم عند قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) في سورة البقرة [١٧٧].
وب (الصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) : أهل الصبر والصبر محمود في ذاته لدلالته على قوة العزيمة ، ولكن المقصود هنا هو تحمل المشاق في أمور الدين ، وتحمّل المكاره في الذبّ عن الحوزة الإسلامية ، وتقدم مستوفى عند قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا) آخر سورة آل عمران [٢٠٠].
وب (الْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ) : أهل الخشوع ، وهو الخضوع لله والخوف منه ، وهو يرجع إلى معنى الإخلاص بالقلب فيما يعمله المكلف ، ومطابقة ذلك لما يظهر من آثاره على صاحبه. والمراد : الخشوع لله بالقلب والجوارح ، وتقدم في قوله تعالى : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) في سورة البقرة [٤٥].
وب (الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) : من يبذل الصدقة من ماله للفقراء ، وتقدم في قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ) في سورة النساء [١١٤]. وفائدة ذلك للأمة عظيمة.
وأما (الصائمون والصائمات) فظاهر ما في الصيام من تخلق برياضة النفس لطاعة الله ، إذ يترك المرء ما هو جبلي من الشهوة تقربا إلى الله ، أي برهانا على أن رضى الله عنه