تأمرني؟ قال : لا إنما أنا أشفع ، قالت : لا حاجة لي فيه».
وقوله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) يؤذن بأنه جواب عن كلام صدر من زيد بأن جاء زيد مستشيرا في فراق زوجه ، أو معلما بعزمه على فراقها.
و (أَمْسِكْ عَلَيْكَ) معناه : لازم عشرتها ، فالإمساك مستعار لبقاء الصحبة تشبيها للصاحب بالشيء الممسك باليد.
وزيادة (عَلَيْكَ) لدلالة (على) على الملازمة والتمكن مثل (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] أو لتضمن (أَمْسِكْ) معنى احبس ، أي ابق في بيتك زوجك ، وأمره بتقوى الله تابع للإشارة بإمساكها ، أي اتق الله في عشرتها كما أمر الله ولا تحد عن واجب حسن المعاشرة ، أي اتق الله بملاحظة قوله تعالى : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة : ٢٢٩].
وجملة (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) عطف على جملة (تَقُولُ). والإتيان بالفعل المضارع في قوله : (وَتُخْفِي) للدلالة على تكرر إخفاء ذلك وعدم ذكره والذي في نفسه علمه بأنه سيتزوج زينب وأن زيدا يطلّقها وذلك سرّ بينه وبين ربّه ليس مما يجب عليه تبليغه ولا مما للناس فائدة في علمه حتى يبلّغوه ؛ ألا ترى أنه لم يعلم عائشة ولا أباها برؤيا إتيان الملك بها في سرقة من حرير إلا بعد أن تزوجها.
فما صدق «ما في نفسك» هو التزوج بزينب وهو الشيء الذي سيبديه الله لأن الله أبدى ذلك في تزوج النبي صلىاللهعليهوسلم بها ولم يكن أحد يعلم أنه سيتزوجها ولم يبد الله شيئا غير ذلك ، فلزم أن يكون ما أخفاه في نفسه أمرا يصلح للإظهار في الخارج ، أي أن يكون من الصور المحسوسة.
وليست جملة (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) حالا من الضمير في (تَقُولُ) كما جعله في «الكشاف» لأن ذلك مبني على توهم أن الكلام مسوق مساق العتاب على أن يقول كلاما يخالف ما هو مخفيّ في نفسه ولا يستقيم له معنى ، إذ يفضي إلى أن يكون اللائق به أن يقول له غير ذلك وهو ينافي مقتضى الاستشارة ، ويفضي إلى الطعن في صلاحية زينب للبقاء في عصمة زيد ، وقد استشعر هذا صاحب «الكشاف» فقال : «فإن قلت فما ذا أراد الله منه أن يقوله حين قال له زيد : أريد مفارقتها ، وكان من الهجنة أن يقول له : افعل فإني أريد نكاحها. قلت : كأنّ الذي أراد منه عزوجل أن يصمت عند ذلك أو يقول : أنت أعلم بشأنك حتى لا يخالف سرّه في ذلك علانيته» ا ه وهو بناء على أساس كونه عتابا