وجملة (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) [الحاقة : ٤] ، والواو اعتراضية.
ويجوز أن تكون الجملة معطوفة على جملة (مَا الْحَاقَّةُ).
و (ما) الثانية استفهامية ، والاستفهام بها مكنّى به عن تعذر إحاطة علم الناس بكنه الحاقّة لأن الشيء الخارج عن الحد المألوف لا يتصور بسهولة فمن شأنه أن يتساءل عن فهمه.
والخطاب في قوله : (وَما أَدْراكَ) لغير معيّن. والمعنى : الحاقة أمر عظيم لا تدركون كنهه.
وتركيب «ما أدراك كذا» مما جرى مجرى المثل فلا يغير عن هذا اللفظ وهو تركيب مركب من (ما) الاستفهامية وفعل (أدرى) الذي يتعدى بهمزة التعدية إلى ثلاثة مفاعيل من باب أعلم وأرى ، فصار فاعل فعله المجرد وهو (درى) مفعولا أول بسبب التعدية. وقد علق فعل (أَدْراكَ) عن نصب مفعولين ب (ما) الاستفهامية الثانية في قوله : (مَا الْحَاقَّةُ). وأصل الكلام قبل التركيب بالاستفهام أن تقول : أدركت الحاقّة أمرا عظيما ، ثم صار أدركني فلان الحاقّة أمرا عظيما.
و (مَا) الأولى استفهامية مستعملة في التهويل والتعظيم على طريقة المجاز المرسل في الحرف ، لأن الأمر العظيم من شأنه أن يستفهم عنه فصار التعظيم والاستفهام متلازمين. ولك أن تجعل الاستفهام إنكاريا ، أي لا يدري أحد كنه هذا الأمر.
والمقصود من ذلك على كلا الاعتبارين هو التهويل.
هذا السؤال كما تقول : علمت هل يسافر فلان.
و (ما) الثالثة علقت فعل (أَدْراكَ) عن العمل في مفعولين.
وكاف الخطاب فيه خطاب لغير معين فلذلك لا يقترن بضمير تثنية أو جمع أو تأنيث إذا خوطب به غير المفرد المذكر.
واستعمال (ما أَدْراكَ) غير استعمال (ما يُدْرِيكَ) في قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) [الأحزاب : ٦٣] وقوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) في سورة الشورى [١٧].
روي عن ابن عباس : «كل شيء من القرآن من قوله : (ما أَدْراكَ) فقد أدراه وكل