أرجائها.
و (الْمَلَكُ) : أصله الواحد من الملائكة ، وتعريفه هنا تعريف الجنس وهو في معنى الجمع ، أي جنس الملك ، أي جماعة من الملائكة أو جميع الملائكة إذا أريد الاستغراق ، واستغراق المفرد أصرح في الدلالة على الشمول ، ولذلك قال ابن عباس : الكتاب أكثر من الكتب ، ومنه (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) [مريم : ٤].
والأرجاء : النواحي بلغة هذيل ، واحدها رجا مقصورا وألفه منقلبة عن الواو.
وضمير (أَرْجائِها) عائد إلى (السَّماءُ).
والمعنى : أن الملائكة يعملون في نواحي السماء ينفّذون إنزال أهل الجنة بالجنة وسوق أهل النار إلى النار.
وعرش الرب : اسم لما يحيط بالسماوات وهو أعظم من السماوات.
والمراد بالثمانية الذين يحملون العرش : ثمانية من الملائكة ، فقيل : ثمانية شخوص ، وقيل : ثمانية صفوف ، وقيل ثمانية أعشار ، أي نحو ثمانين من مجموع عدد الملائكة ، وقيل غير ذلك ، وهذا من أحوال الغيب التي لا يتعلق الغرض بتفصيلها ، إذ المقصود من الآية تمثيل عظمة الله تعالى وتقريب ذلك إلى الأفهام كما قال في غير آية.
ولعل المقصود بالإشارة إلى ما زاد على الموعظة ، هو تعليم الله نبيئه صلىاللهعليهوسلم شيئا من تلك الأحوال بطريقة رمزية يفتح عليه بفهم تفصيلها ولم يرد تشغيلنا بعلمها.
وكأنّ الدّاعي إلى ذكرهم إجمالا هو الانتقال إلى الأخبار عن عرش الله لئلا يكون ذكره اقتضابا بعد ذكر الملائكة.
وروى الترمذي عن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلىاللهعليهوسلم حديثا ذكر فيه أبعاد ما بين السماوات ، وفي ذكر حملة العرش رموز ساقها الترمذي مساق التفسير لهذه الآية ، وأحد رواته عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس قال البخاري : لا نعلم له سماعا عن الأحنف.
وهنالك أخبار غير حديث العباس لا يعبأ بها ، وقال ابن العربي فيها : إنها متلفقات من أهل الكتاب أو من شعر لأمية بن أبي الصلت ، ولم يصح أن النبي صلىاللهعليهوسلم أنشد بين يديه فصدّقه. ا ه.